11 سبتمبر 2025

تسجيل

المعلم.. عصب العملية التعليمية

09 أبريل 2015

من المؤكد أن وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة .. ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز .. ولا شك أن رسالة المعلم ( ولا أقول عمله أو وظيفته ) رسالة سامية حملها الأنبياء والمصلحون والعلماء .. وحتى لو جاز أن نقول أن عمل المعلم وظيفة .. فهى وظيفة راقية تحمل فى طياتها عملا نبيلا وثوابا عظيما .. ويكفى المعلم فخرا أنه يبقى له فى ميزان حياته علم نافع عَلًمَه لغيره من خلال إخلاصه لعمله الذى هو فى ذات الوقت إخلاص لله . وانا يعجبنى كثيرا قول المفكر الكبير جبران خليل جبران أن الأوطان تقوم على كاهل ثلاث .. فلاح يغذيها وجندى يحميها ومعلم يربيها .. والمعلم أيضا هو من يزرع بذرة الأمل والوطنية الحقة ويسقيها بالتشجيع والمثابرة ويغرس بذور الإنتماء والسماحة والوسطية .. وفى ذات الوقت هو من يحمى المبادئ والأخلاق .. بل أكثر من ذلك هو من يستطيع بخبرته وبصيرته أن يلتقط الموهوبين من تلاميذه فى المجالات المختلفة مثل الشعر والأدب والفنون والعلوم والرياضيات .. وأكثر من هذا يتبناهم ويرشدهم لإختبارات المستقبل والتى غالبا ما تكون صائبة . ولقد كانت الدول العربية هى رائدة العمل الإجتماعى وبالتالى التعليمى حتى أنه من البديهى أن القوى الناعمة كانت تستند من الناحية التاريخية على التعليم قبل سواه .. وحتى لو كان هناك من يقول أن النهضة العربية الحديثة بدأت بنقل الأساليب العصرية والتقاليد الأوروبية إلينا كما حدث فى مصر إبان حكم محمد على باشا فى بداية القرن التاسع عشر على سبيل المثال .. وهو كلام مردود عليه بأننا كان لدينا الأزهر الذى كان – ولا يزال – منارة للتعليم من كافة أنحاء العالم .. وهو نفس ما يحدث فى الأراضى المقدسة من مساجد تقُام فيها الشعائر إلى جانب الدروس وحلقات العلم . والرأى الراجح أنه لا يوجد إتجاه واحد لنقل العلوم أو المعرفة .. ولكنها مسألة تبادلية ويكفى أن نذكر أن نظام الكليات المختلفة فى الجامعات جاء تقليدا لنظام " الأروقة " الأزهرية أو الظاهرة الأزهرية الشهيرة " شيخ العامود " والتى كانت سائدة كذلك فى مساجد مكة والمدينة غيرها أثناء وبعد عهد الخلفاء الراشدين وإستمرت لعهود طويلة من الزمن . وفى جميع الأحوال فإنه فى جميع الأحوال وفى كل العصور نجد أن المعلم هو العصب والأساس الذى تقوم عليه العملية التعليمية .. وبالتالى هو وراء عظمة الأمم وسر تقدمها كما أسلفنا . ولا شك أن الدول العربية جميعها مطالبة بمسايرة الدول المتقدمة فى الناحية التعليمية ليس فى أنظمة التعليم فقط بل فى طرق تدريب المعلمين والنهوض بهم من كافة النواحى معتمدين على النظرية الحديثة والتى فحواها : - أن رأس مال الطالب هو ما يأخذه عن معلمه من " مبادئ وخلق كريم " .. أما ما يأخذه الطالب بعد ذلك من علم على يد معلمه فهو " ربح وفائدة " .. وطبعا رأس المال مقدم على الربح والفائدة . فإذا أضفنا إلى ذلك النظرية التربوية التى أصبحت تتقدم ما عداها من نظريات والتى فحواها : - أن أساس التدريس أن يتعود الطالب ألا يعتمد على المدرس . تأسيسا على هذا فإنه يجب تدريب المعلم وتوعيته بأنه يجب عليه أن يكون المعلم نفسه مبدعا وذلك بأن يجعل من درسه شيئا ممتعا يساعد الطلاب على كيفية التفكير والإبداع مستخدما أسلوب التشجيع والتحفيز وزرع بذرة الأمل فى طلابه وتعهدها بالرعاية حتى تؤتى ثمارها . وأخيرا فإننى العبد لله كاتب هذه السطور أقف إحتراما لكل معلم وأدعو الجميع – كبارهم قبل صغارهم – أن يشاركوننى فى ذلك الشعور الرائع بأن دور المعلم القدوة فى حياتنا لا يقل أهمية عن دور الأب إن لم يكن يفوقه فى بعض الأحيان كما عاصره من هم فى نفس عمرى ومن سبقونى .. ونحن لا نزال نتذكر أساتذتنا بهيئتهم الموقرة وكلماتهم المؤثرة وعباراتهم التى كانت تنفذ إلى قلوبنا وعقولنا ولازلنا نتذكرها حتى الآن وكأنها قيلت لنا بالأمس فقط . تحية تقدير وإجلال إلى كل معلم أخذ على عاتقه رسالة العلم وأخذ بيد غيره إلى طريق النور .. ولعلى بهذا المقال المتواضع أكون قد إستطعت أن أوفى المعلم بعض حقه .. فإلى اللقاء فى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .