15 سبتمبر 2025

تسجيل

التَّشبيحْ الدّولي في سوريا..غزوٌ منظّم

09 أبريل 2012

في اغسطس الماضي رفع المتظاهرون من اهالي حمص شعار: "نريد دولة مدنية تحكمنا، لا دولة شبيحة تقتلنا"! وبالامس القريب رفع السوريون شعار جمعة "من جهز غازيا فقد غزا". وبين الشعارين تاريخ دموي عنيف لم يثبت فيه نظام الأسد ملامح الدولة المدنية بل على العكس تفاقمت فيه موضة التشبيح المحلي الى تشبيح الجيران والتشبيح الدولي في اداة القتل مهما اختلف الدعم الذي حدا بالسوريين الى اعتبار ما هم فيه حربا ضروسا وغزوا غير مبرر بما يشهده الواقع ويدعمه "فيتو" بفاعلين دوليين ضد شعب اعزل يتطلب وقوف المجتمع الدولي لنصرتهم. التدخل الدولي في سوريا ضد الشعب سافر وواضح للعيان.. فلم نكن نتوقع ان يعطى قتل حاكم لشعبه غطاء دوليا وهي تعد جرائم حرب... ولم نتوقع ان تصل جرائم الابادة الى خلق كيان شبيحي مجهول داخل الوطن ضد ابنائه تتمارى فيها ميليشيات وعتاد وعسكرية خارجية ممنهجة، ولم يكن ذلك غريبا على نظام قمعي مورث قسرا فيما تفترض جمهورية، فالفيتو الروسي والصيني المزدوج عكس تأييد موسكو وبكين للقمع والبطش تحت غطاء المصالح المتبادلة. هذا في الوقت الذي يصطف فيه النظام وزمرته إلى إدانة وقوف قطر والسعودية الى جانب تسليح الجيش السوري الحر والوقوف ضد فكرة التدخل الأممي لوقف المجازر التي يرتكبها الاسد بحق شعبه خصوصا مع تصاعد وتيرة والقتل والابادة قبيل مهمة كوفي عنان الدولية في العاشر من ابريل الجاري. عن الدعوة الى تسليح الجيش السوري الحر تخوف البعض بداية واختلفت المواقف وتخوفنا نحن جميعا كشعوب من حرب اهلية فوق خوف استشرافي من ان تدار مسألة السلاح بشكل فوضوي فيما بعد مستقبلا بالشكل الذي لا يخدم الاهداف التي وضعت لها والخوف من مغبة خلق منطقة فوضى خارجة عن مفهوم الامن الدولي ومرتع لتعددية طائفية او حزبية او مصالحية لنمو الحركات المختلفة. ولكننا مع توالي السفك اقتنعنا بما لا يدع مجالا للشك بان عجز الوصول لحل سلمي ومن ثم لقرار التسليح اعطى الضوء الاخضر لنظام الأسد الى الاستعداد لإبادة شعبه بادخال تشبيح دولي ممثل بروسيا والصين وإيران والعراق وممجدي طائفة الدولة "النظام العلوي" بهدف حماية نظامه سواء كان هذا الدعم بالسلاح أو المال أو التسهيلات الأمنية أو الاستخبارات من بوارج روسية وحرس ثوري نزل الميدان وميليشيات مالكية تسربت انباء تسهيلاتها الايرانية عبر العراق فضلا عن اخبار تشير الى توفير حزب الله الدعم الأمني والعسكري. بدا واضحا للعيان التآمر المتحزب على الشعب وبتنا كشعوب خارج دهاليز السياسة نؤمن بضرورة تسليح الجيش السوري الحر ومناصرة الشعب الاعزل ضد طاغية تسنده ترسانة دولية في ظل معادلة مصالخ تعلمها روسيا والصين بين الشرق والغرب، خصوصا والعالم كله قد استنكر سلفا استخدام سابقه القذافي للمرتزقة الأفارقة في قمعه ضد الشعب الليبي "هذا وهم مرتزقة" وليست ميليشيات او عتاد نظامي مثل "حالة سوريا". برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري المعارض طالب مؤتمر أصدقاء سوريا المنصرم في اسطنبول يوم الأحد الماضي بدعم تسليح الجيش السوري الحر الذي يمثل مطلب الشعب بهدف وقف آلة القتل التي طورها النظام مؤكدا "ان الأولوية هي تنفيذ الاتفاق الذي توصل إليه كوفي عنان مع الحكومة السورية لسحب قوات الجيش من المدن السورية وإطلاق السجناء". غليون اشار الى معضلة وهي "أنه يتوجب الوصول لاتفاق مع الدول المجاورة لسوريا لإرسال هذا السلاح، لأنه يجب تغيير ميزان القوى، وهو ما يحتاج لتفاهمات مع الدول خصوصًا القريبة".. والأسد وسط هذه المعضلة المصالحية على العكس مطمئن الى بعض الدول المجاورة والى استدعاء ميليشيات ونظم دولية في اداة التصفية الشعبية. على أنه ما فتئ وقبل المهلة التي تنتهي غدا يزأر بشر النوايا ويرتكب مجازر في حق شعبه في ما يستشعرها غابة هو أسدها، الأمر الذي يجعل مفهوم التسليح والتلويح بالقوة واجبا على جامعة الدول العربية واصدقاء سوريا والضغط نحو نصرة الشعب السوري وتحقيق مطالبه ليس لتحقيق ابجديات الدولة المدنية بل قبلها لردع الابادات الجماعية وجرائم الحرب ضد الانسانية في شعبه التي جعلت من سوريا باكبرها غزوة "مشبّحة" تتطلب النصرة. كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com