17 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس احتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، وهو عادة سنوية تعبيراً عن إنجازات المرأة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وقد اعتبر يوم الثامن من مارس من كل عام في فلسطين وكوبا وروسيا الاتحادية والصين يوم عطلة للنساء، وتعود جذور الاحتفال بهذه المناسبة إلى انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي الذي عقد في باريس عام 1945 ويعتبر هذا الاتحاد الديمقراطي للنساء الرديف للأحزاب الشيوعية في ذلك الزمان. لقد اختلف المهتمون بأمر هذه المسألة في بدء الاحتفال بها، البعض يقول إنها نتيجة لمؤتمر باريس عام 1945 والبعض الآخر يردها إلى عام 1857 وهو خروج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللا إنسانية التي تمارس ضد المرأة وإجبارها على العمل تحت ظروف قاسية بحقوق أقل، الأمر الذي جعل شرطة المدينة تتدخل بطريقة وحشية لتفريق المظاهرات، وفي الثامن من مارس من عام 1908 قامت النساء العاملات في مصانع النسيج بالتظاهر من جديد في مدينة نيويورك وكن يحملن لافتات لم تكن مسبوقة في أي مظاهرة احتجاجية وهي: "قطع من الخبز المجفف وباقات ورد"، وكان شعار تلك المسيرات "خبز وورد"، كانت تهدف المسيرات إلى المطالبة بتخفيض ساعات العمل بالنسبة للمرأة ومنع تشغيل الأطفال وحق المرأة في المشاركة السياسية، وفي عام 1977 اعتمدت الأمم المتحدة الثامن من مارس يوماً عالمياً للمرأة. لقد حققت المرأة الأوروبية الكثير من مطالبها عبر مراحل تاريخية طويلة رغم قسوة الكنيسة (رجال الدين المسيحي) في الغرب، لقد كان رجال الدين المسيحيون ينظرون إلى المرأة على أنها مصدر إفساد للإنسان وهي فخ الشيطان وهلاك الروح، لقد وصفها يوحنا بقوله الشهير ليس هناك بين كل وحوش الأرض المفترسة من هو أشد أذى وضرراً من المرأة، وقد قال الفلاسفة الغربيون الكثير عن المرأة ويقع اختياري للفيلسوف الروماني نيتشه إذ يقول "المرأة خلقت لخدمة الرجل ولا تكون إلا تابعة له أما الرجل فخلق للحرب، والمرأة لاستراحة المحارب.. لكن المرأة الغربية استطاعت مواصلة نضالها من أجل استرداد حقوقها في الغرب وما انفكت تعمل لتوسيع دائرة نفوذها. (2) لقد سبقنا نحن معشر العرب منذ عصور ما قبل الإسلام كل الأمم في نيل المرأة حقوقها، فهذه ملكة سبأ التي أقامت علاقة ود مع النبي سليمان عليه السلام وقامت بزيارته في القرن العاشر قبل الميلاد وعلى أثر تلك الزيارة راجت التجارة بين الشام واليمن، لم تكن ملكة سبأ المرأة اليمانية التي كان لها شأن في التاريخ وإنما لحقت بها "أروى بنت أحمد" التي حكمت اليمن وعسير ونجران وعمان، وكانت ملكة محبوبة عند شعبها، ونذهب بعيداً عن اليمن فنجد هند بنت النعمان ملك الحيرة كانت تقود الجيوش لحماية ثغور العراق من الغزوات واستطاعت أن تحقق انتصارات على كل الغزاة "سميراميس" الملكة الأسطورة من أهل العراق، حكمت العراق وقادت حملات عسكرية لتوسع دائرة نفوذ العراق فقادت جيشاً جراراً لغزو مصر والحبشة، وجهزت جيشاً لغزو الهند لكنها لم توفق في غزوتها تلك. (3) في صدر الإسلام كان للمرأة العربية شأن كبير، فهذه أم حكيم لعبت دوراً أساسياً وشجاعاً في تحرير مصر من الرومان، وتمكن جيش الروم من أسرها ولكن عمرو بن العاص أنقذها من الأسر، وهذا عمر بن الخطاب الخليفة الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عين امرأة قاضية كي تبت في الخلافات المالية بين التجار، وتصدر أحكامها الإلزامية بين الناس، وكانت تقمع الغش في التجارة وتحارب الفساد والربا، وكانت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وفاطمة بنت عباس كانت تصدر الفتاوى وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. ما هو حال المرأة في وطننا العربي اليوم؟ لقد نالت المرأة في بعض الدول العربية بعضاً من حقوقها السياسية والاقتصادية والثقافية إلا أنها ما برحت في حدودها الدنيا، وفي بلاد عربية أخرى ما برحت المرأة تطالب بأبسط الحقوق وهو حقها في قيادة السيارة. لا يخالفني الكثير من أهل الرأي بأن المرأة العربية تتعرض لأقسى وأشد وأعظم صنوف التعذيب والامتهان دون أن يتحرك ضمير العالم ودون أن يتحرك ضمير القيادات السياسية العربية ولا حتى أولئك المتشددين في تحجيب المرأة للدفاع والثار للمرأة العربية التي تعاني، ماذا حدث ويحدث لنساء العراق في السجون والمعتقلات حالات اغتصاب جماعي كما عبر عن ذلك شهود الوقائع، لقد بلغ الحال بصرخات سجينات في المعتقلات العراقية يطالبن أسرهن والمقاومة العراقية للاحتلاليين بتدمير السجون والمعتقلات فوق رؤوسهن، فقد أصبحن حاملات سفاحاً (راجع كتاب: المرأة العربية في المواجهة النضالية والمشاركة العامة ص 15) وانتهاك أعراض أسر خارج السجون دون رادع، وما الذي يحدث للأسيرات الفلسطينيات في السجون والمعتقلات الإسرائيلية من ذبح عفافهن وكبريائهن وامتهان كرامتهن، وماذا يحدث اليوم في سوريا، بل ماذا يحدث في السجون العربية للنساء اللاتي جار عليهن الزمن وأودعن السجون والمعتقلات، نحن نحتاج إلى صرخة شعبية عامة تقول (وا معتصماه)!! نريد حركة نسوية عربية جامعة كما فعلت نساء مدينة نيويورك اللاتي أشرنا إليهن أعلاه يحملن "الخبز والورد" ويكون شعار مسيرتهن "أنقذوا شرف وعفاف أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم من الدنس". • آخر القول: يجب أن يكون يوم المرأة العربية يوماً مشهوداً دفاعاً عن أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا من كل اعتداء ويجب إعطاؤهن حقوق المواطنة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ومساواتها بالرجال في الحقوق والواجبات.