11 سبتمبر 2025
تسجيلالشعر النبطي، عمل أدبي شعبي، له أهميته الأدبية، وله قيمته التاريخية، فبين كلماته عاشت العادات والتقاليد والقيم، ودونت بعض الأحداث التاريخية المهمة، ونستطيع من الاطلاع على مخطوطات بعض شعراء النبط أن ندرس جوانب من خطوطهم، فقد أجاد بعضهم الخط، وكتب بخط حسن، يتناسب مع ما تلقاه من تعليم، فدون شعره، ما حفظه من الضياع. الشاعر راشد بن سعد بن راشد بن حسن البوكوارة، من الشعراء القلة الذين تركوا مخطوطًا كبيرًا يتضمن أشعاره، والتي كان يدونها بخط يده، ولعل مرد ذلك ما تلقاه من تعليم، بالإضافة لعمله في شركات النفط في فترة مبكرة، ما جعله يدرك أهمية وقيمة الكتابة والخط والتدوين. ولد الكواري في سميسمة، شرق شبه جزيرة قطر، في عام 1345هـ/ 1926م؛ لأسرة تهتم بالعلم والتعليم والكتابة والخط، فقد كان أبوه شاعرًا، وملمًا ببعض العلوم الدينية، التي ارتحل في سبيلها، فتلقى العلم على أيدي شيوخ الأحساء، وطلب جده العلم في الزبير بالعراق، ثم عاد إلى قطر، مسقط رأسه، حيث عينه الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني (1826-1913)، إمامًا وخطيبًا في مسجده بالظعاين. عمل الكواري في صغره مع والده بالبحر، تبابًا، ثم غواصًا لمدة سنتين، ثم التحق بشركة «بابكو»، التي كانت تقوم بأعمال التنقيب عن النفط في قطر، حيث عمل فيها ثماني سنوات، ليتنقل للعمل في شركة «أرامكو» بالسعودية لحوالي 11 سنة، عاد بعدها إلى وطنه قطر، واستقر في مسقط رأسه سميسمة، ولكن فيما يبدو أنه لم يطب له المقام فيها مرة أخرى، إذ تركها بعد عام واحد؛ لينتقل للإقامة في الدوحة، حيث عمل في وزارة الأشغال العامة. نظم ودوّن الشعر منذ صغر سنه، فيذكر محقق ديوانه أنه قال أول قصيدة في سن العاشرة، وتنقل بين أغراض الشعر النبطي المختلفة، فقرض شعرًا في الغزل، المديح، المساجلات، واهتم بأحداث قطر، والوطن العربي، وقضايا الأمتين العربية والإسلامية، وله قصيدة في مناسبة حرب العاشر من رمضان 1393هـ/ السادس من أكتوبر 1973م. تلقى مبادئ القراءة والكتابة على يدي والده، وحفظ القرآن، وقرأ متون أمهات الكتب في العلوم الدينية، ولمعرفته القراءة والكتابة فقد دوّن أشعاره بخط يده، الذي يمكن أن يوصف بحُسن الخط، وأطلعني د.علي بن عبد الله الفياض (ولد 1958) على نسخة من ديوانه المخطوطة بخط يده، والتي تتجاوز الأربعين صفحة، إذ يتميز خطه بالوضوح والدقة، ويجمع بين خطي الرقعة والنسخ في الكتابة، وكتابته على الرغم من أنها كتابة سريعة إلا أنها جيدة، ومن ثم يمكننا اعتباره خطاطًا، حرص على تدوين أشعاره، ما حفظها من الفقد والضياع، وقد حقق الفياض ديوانه، ونشر عن دار المتنبي للنشر والتوزيع بالدوحة في عام 1984، ثم أعيد نشره في طبعة مزيدة ومنقحة في عام 1990.