13 أكتوبر 2025
تسجيلأتذكر عندما كنت في كلية القانون درست مادة القانون الدستوري في السنة الدراسية الثالثة، أتذكر حينها من كان يُدرسني هذه المادة، فقد كان مسترسلاً ومندمجاً فيها، وفي إحدى المحاضرات قام بتدريسنا أحد الحقوق التي قررتها الدساتير وهي: حرية الرأي والتعبيرفكان يقول: قولوا معايا بئه: حرية الرأي والتعبير ونحن نردد: حرية الرأي والتعبير قولوها كمان: حرية الرأي والتعبير فنرددها مراراً وتكراراً، وأنا أتذكر تلك السنوات أتت في مخيلتي تلك الحرية التي قررها الدستور الدائم لدولة قطروظللت أتساءل.. حرية رأي؟ قلم؟ كتابة؟ دستور؟ وقد ارتأيت أن أكتب مقالاً في هذا الموضوع، لاسيَّما أنني أتعرض في بعض الأحيان إلى استهجان من قبل أشخاص لبعض مقالاتي "اللي معورة قلوبهم"، فما هي حرية الرأي والتعبير إذاً؟ حرية الرأي والتعبير يمكن تعريفها بالحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني من دون رقابة أو قيود حكومية بشرط ألا تمثل طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير وتصاحب حرية الرأي والتعبير على الأغلب بعض أنواع الحقوق والحدود، مثل حرية الصحافة.فهل حرية الرأي مسموح بها؟نعم، فقد نصت المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على ما يلي:1. لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة.2. لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها.3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وقد أقر القرآن الكريم ما يسمى بتعددية الآراء وتنوعها، فقال تعالى: ((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)).والجدير بالذكر أن هذه الحرية لا بد أن تكون مندرجة تحت الصالح العام دون المساس بالدين والنظام العام والآداب العامة، ودون قصد الإساءة إلى أحدٍ ما بالتشهير به، وبذلك نص الدستور الدائم لدولة قطر في المادة (٤٧) منه على أن: "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، وفقاً للشروط والأحوال التي يحددها القانون"، ونصت المادة (٤٨) منه على أن: "حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة، وفقاً للقانون"، ومع ذلك هناك من "يتفلسف على راسي"... كما أنه استجابة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي تكفل المادة (19) منه المشار إليها أعلاه لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية، فقد تم إنشاء مركز الدوحة لحرية الإعلام، وهو مؤسسة خاصة ذات نفع عام.وحرية اعتناق الرأي هي حق مطلق لكل إنسان ولا يجوز تقييده في أي ظرف من الظروف، كما يشمل حق تغيير الآراء أيضاً، وفيما يتعلق بتمييز هذا الحق ومدى السماح بتقييده فإنه لا يُسمح التمييز ضد شخص بسبب ممارسته لحرية الرأي والتعبير ولا يجوز الانتقاص من حقوقه بسبب تلك الآراء التي أبداها، وبالتالي فإن هذه الحريات تُعد حقاً أساسياً من حقوق الإنسان وقد كفلت حمايتها جميع المواثيق والمعاهدات والإعلانات الدولية، وقد أصبحت جزءًا من قواعد القانون الدولي.كما أن حرية النشر والطباعة لها ارتباط جوهري وأصيل بحرية الرأي والتعبير، حيث إن الكتابة هي أولى الوسائل التي عرفتها البشرية في نشر الآراء وتوصيل المعلومة التي يُعبر عنها الإنسان، إلى أن ظهر الحاسب الآلي والإنترنت وسهلت تلك التقنيات على البشر نشر آرائهم ومعرفتهم بصورة سريعة إلى جميع أرجاء العالم وفي الفضاء الإلكتروني بيسر وسهولة، وعالم تويتر والفيس بوك وكافة مواقع التواصل الاجتماعي، تُعد جميعها جزءًا لا يتجزأ من حرية الرأي والتعبير، لاسيَّما أنها تُعد منبراً حُرا. هذا هو كلام الدستور...القانون...المواثيق والمعاهدات الدولية...وجميعها تُقر حق الإنسان في التعبير وإبداء آرائه … حلو الكلام؟ ولكن في معظم الأحيان عندما أكتب بعض المقالات التي تتعلق بالمسؤولين، وذلك بشكل عام، لا أذكر اسم جهة ولا أشخاص، ومع ذلك "يستغرب" البعض من الكلام الذي أذكره ويعتبرونه كلاما ممنوعا ولا يجوز ويُعد من باب التشهير، وكأنهم قد تم تعيينهم أوصياء على "نيتي"، بمعنى أنهم هم من يضعون لي السيناريو والحوار والإخراج… (١ ٢ ٣ أكشن!) من تقصد في هذه المقالات؟ وغيرها من الاستفسارات، ولكن فلنتساءل، لو كتب أحدهم رأياً عاماً كما أفعل أنا دون ذكر أسماء، فهل يُعد ذلك تشهيراً بأحدهم ممن يتصفون بصفات أذكرها، كالتعجرف في التعامل مثلاً؟الجواب باختصار: هناك مبدأ قانوني ينص على أنه "لا عقاب على النيات".فإذا كان قانون العقوبات لا يُعاقب على نية ارتكاب الجُرم ما لم يقترنه فعل، فما بال القارئ بكتابة مقال عام لا يحتوي ما بين سطوره على أحد الأسماء، والمضحك في الأمر عندما يقول لي أحدهم: "لا لا واضح إنج تقصدين فلانـ / ة "!! ختام الحديث: هناك عقول مليئة بالشوائب، مهما حاولت تنظيفها فإنها مستعصية على التنظيف.