13 سبتمبر 2025

تسجيل

نزيف الكأس

09 يناير 2023

لا مجال للمقارنة بين كأس الخليج العربي وكأس العالم لكرة القدم، لا من حيث البطولة ولا التنظيم ولا الاستضافة ولا في غيرها من أوجه المقارنة. فمن الإجحاف أن تتم هذه المقارنة وإن كانت لا إرادية في الوعي الشعبي، وذلك بعد النجاح منقطع النظير الذي حققته بطولة كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢™، وفي ظلّ الجرح العراقي الذي ما زال ينزف دمًا جرّاء الاحتلال العسكري والثقافي للعراق، وتداعياته. أليس هدف كرة القدم التقارب بين الشعوب والثقافات؟ أو لتسليط الضوء على المنصات الرسمية ومن يعتليها. الهفوات البروتوكولية تحدثُ عمدًا أو سهوًا، ولكن كيفية معالجتها بالحنكة والدبلوماسية في اللحظة نفسها وتحديد الواجبات والمسؤوليات هي من يُحدد معيار النجاح، ناهيك عن كيفية إدارة هذه الأزمات إعلاميًا. المُحزن هو تفاعل الشعوب العربية مع هذه الهفوات، والانجرار في معارك إعلامية تعكس الشرخ العربي الذي يبدو أن علاجه بالأدوية المُسكّنة التي تشمل الاجتماعات والبطولات والاتصالات غير مفيد، وحتى الاستئصال أيضًا لم يُحقق نتيجة طويلة الأمد، إذ أُستئصل النظام العراقي السابق على أن تُخمد مشاعر الخوف من البعبع، فحلّ محلّه بعبع أكثر رعبًا، ليعتاش على ما تبقى من الأمن الثقافي والاجتماعي. الأمن الثقافي للشعوب الأصيلة مُهدّد أيضًا، وكيف لا، والأصالة في عروبتنا، ولهذا أطلقت الأمم المتحدة مؤخرًا العقد الدولي للغات الشعوب الأصلية بهدف حمايتها من الانقراض، فمع انقراض أي لغة، تنقرض ثقافة هذه الشعوب وتقاليدها. وتأتي هذه الخطوة، لحماية نحو 6% من سكّان العالم، و4 آلاف لغة، من أصل 6700 لغة في العالم. لغة حظر الأسلحة الكيميائية ترتفع بوجه سوريا، ويبدو أن سيناريو غزو العراق سيُطرح على طاولة المفاوضات والضغط على سوريا، وإن لم يسأم مجلس الأمن الدولي من هذه اللغة، إلا أننا كشعوب عربية سئمنا من تهديدنا بلجان دولية لحظر الأسلحة الكيمائية، ولبنان يُجاور قوة نووية وكيمائية مجرمة وهي الكيان الإسرائيلي، وليس هذا فحسب، بل تطاير الشعب اللبناني أشلاء بمواد متفجرة ولم تُغثنا الأمم ولن تُنصفنا المنظمات الأممية. الأمم تسعى لإعادة النظر بالمسارات المهنية والتخصصات الجامعية، وذلك من أجل تفادي الفوضى بسوق العمل العالمي، الذي تلوح بالأفق، مع تبدّل طبيعة الوظائف التي تحتاجها هذه الأسواق، ففي تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) أظهرت المؤشرات ارتفاع مستويات الفقر في المنطقة العربية مقارنة بالسنوات الماضية ليصل عدد الفقراء إلى نحو 130 مليون شخص أي ثلث سكان المنطقة باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي. ووفق التقرير، سجلّت المنطقة أعلى معدّل بطالة عالميًا في عام 2022 بنسبة 12%، ما يفرض تحديًا نوعيًا أمام الحكومات العربية لإنعاش الاقتصاديات الوطنية التي ستكون مدخلًا للتغيير السياسي والاجتماعي وفرض الشروط الدولية الجديدة.