14 سبتمبر 2025

تسجيل

النوم والصحة.. مرة ثانية

09 يناير 2016

لم أكن أتوقع بعد نشر مقالنا السابق تحت نفس العنوان أن أتلقى هذا العدد من المكالمات التليفونية والتعليقات على الفيسبوك حول موضوع النوم الذى هو محل إهتمام كل الناس تقريبا وخاصة كبار السن ممن لديهم بعض الأسئلة .. وسأحاول فى هذا المقال أن أتناول أكثر الأمور التى دارت حولها الأسئلة وهو النوم نهارا .. وهل هو مفيد أم ضار وخاصة فى الدول ذات المناخ الحار مثل دول الخليج العربى . ولهؤلاء الأعزاء أقول إن النوم نهارا ليس ضارا ويعتبر وقفة قصيرة فى مسيرة الحياة اليومية خاصة إذا كان فى منتصف النهار وهو ما يطلق عليه الناس " نوم القيلولة " .. أى الإستراحة فى منتصف النهار .. وبرغم اعتراف العلماء والأطباء فإنه لا يُغنى عن نوم الليل وذلك لأسباب عديدة ذكرناها فى مقالنا السابق تحت نفس العنوان كما أسلفنا .. ولكن يجب أن يكون وفق شروط محددة أهمها على الإطلاق ألا تطول فترة الإستراحة النهاريه هذه حتى لا يصل الشخص إلى مرحلة النوم العميق والتى يصل إليها الإنسان بعد حوالى من ثلاثين إلى أربعين دقيقة وحتى لا تظهر عليه أعراض الكسل لأننا نؤكد أن هذه مجرد استراحة أو محطة نهارية عابرة تعطى النفس حظاً من الراحة حتى إذا جاء الليل تكون اليقظة المطلوبة بقوة ونشاط .. وهناك من الناس من ينام لعلمه أن عليه الإستيقاظ ليلا لفترات قد تطول أو تقصر لدواعى العمل أو المذاكرة أو السفر على سبيل المثال . وهناك البعض الذى يضطر للنوم نهارا لتعويض ساعات النوم التى فاتته ليلا لسبب أو آخر من الأسباب التى ذكرناها على ألا يكون السهر للمتعة وتضييع الوقت والإكتفاء بالنوم نهارا . وهناك من الناس من تكون هذه الإستراحة النهارية عادة يستمتعون بها ويمارسونها بانتظام وتصبح جزءاًمن الروتين اليومى وبهذا يكون هذا الوقت محتسبا من ساعات النوم اليومية بحيث تعتاد عليه ساعة الجسم البيولوجية وتسد – إلى جانب نوم الليل طبعا – حاجة الجسم إلى النوم . والصين من الدول التى أدركت فوائد الإستراحة فى منتصف النهار والتى تعتبره حقا مكتسبا للعمال حيث تتوقف الحياة تماما فى المكاتب والمصانع ليأخذ الجميع قسطا من الراحة شريطة ألا تزيد عن خمسة وأربعين دقيقة .. وفى الولايات المتحدة الأمريكية تخصص بعض الشركات غرفا خاصة لتلك الإستراحة النهارية القصيرة التى يؤكد العلماء أنها من عوامل زيادة الإنتاج فى تلك الشركات حيث تكون السبب الرئيسى فى تفريغ شحنة القلق أو الهواجس التى قد تنتاب البعض . ويحدثنا التاريخ عن أشهر من أدرك فوائد تلك الإستراحة وهم من القادة العسكريين نابليون بونابرت وونستون تشرشل الذى كان وزيرا للحربية إبان الحرب العالمية الأولى بين عامى 1914 و1915 وكان ينام فى مكتبه لمدة ساعة وقت الظهيرة حيث كان ذلك يزيد من نشاطه وقدرته على العمل – وفقا لما كتبه فى مذكراته – ومن الطريف أنه رفع زمنها إلى ساعتين عندما تولى رئاسة الوزارة عام 1940 .. ومن بين من عرف فوائد هذه الإستراحة النهارية الفنان الأسبانى الكبير سلفادور دالى وهو أحد أهم أعلام المدرسة السريالية فى العصر الحديث .. والعالم الفذ المخترع توماس إيديسون .. والكاتب الفرنسى العظيم فيكتور هوجو صاحب روايات " البؤساء " و " أحدب نوتردام " .. فضلا عن الرئيس الفرنسى جاك شيراك الذى كانت ظروف حياته العملية لا تمكنه من النوم ليلا لأكثر من أربع ساعات فقط . وهنا لابد أن يتساءل القراء الأعزاء عن فوائد هذه الوقفة القصيرة النهارية .. ولهؤلاء نذكر بعضها : - أنها تقلل الشعور بالتعب وتعالج الشعور بالنعاس . - تنشط القدرات العقلية مثل التحليل المنطقى والحساب . - تعمل على أن تكون ردة الفعل بحساب وهدوء نتيجة تحسن الأداء العقلى وراحة الأعصاب . - يؤكد الكثير من الناس أنها تعمل على تحسين المزاج. والأهم من كل ما سبق كما جاء فى الدراسات الطبية التى نوقشت فى المؤتمرات الطبية مؤخرا أن الوقفة النهارية القصيرة هذه تفيد القلب وتقلل من فرص الإصابة بالأزمات القلبية والجلطات .. فضلا عن إنتظام النبض وضربات القلب . أما الأدباء والكُتاب والشعراء فيعتبرونها وقفة للتأمل والتفكير .. وفرصة لإعادة ترتيب الأفكار وإعادة " شحن " الذهن ليكون هناك فرص أكثر للمزيد من النتاج العقلى والإبداع . وفى النهاية نذكر كل من يقرأ هذا المقال بما ذكرناه من أن النوم نهارا يكون مفيدا فقط عندما لا تطول مدته وهو ليس بديلا عن النوم ليلا ولكنه مكمل له ومعوض لبعض نقصانه . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله.