13 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستثمار في الكهرباء .. سوق واعدة

09 يناير 2013

يعتبر مجال الاستثمار من القطاعات الواعدة بدول مجلس التعاون الخليجي، لكونه مصدراً نوعياً لبناء شراكات محلية ودولية في أنشطة صناعية وتجارية وخدمية يزداد الطلب عليها دولياً، ولكونه أيضاً مصدراً يحوي خبرات وعوائد ينوع مصادر الدخول الخليجية. تركز دول التعاون على استثمارات الكهرباء والماء في البنية التحتية والخدمات والاتصالات والتكنولوجيا لكونها مجالات يتطلبها السوق المحلي، ويزداد الطلب عليها من المؤسسات الاقتصادية خصوصا قطاع الطاقة والمصانع والمنشآت الذي يشكل ركيزة إستراتيجية للنمو. وتنتهج الدول التدرج في الاستثمارات الموجهة للبنية التحتية لكونها تقوم عليها قطاعات عديدة مثل الإنشاءات والصناعات والخدمات والتقنية وغيرها، والتي تستغرق سنوات لتنفيذها ميدانياً حيث تأتي الإمدادات الكهربائية وربطها بشبكة للمدن على رأس الأولويات إذ من دونها لا تعتبر مقوماً اقتصادياً، ومن هنا تنشط المؤسسات الخليجية في جذب تلك الاستثمارات لتحقق عوائد على المدى البعيد. ولنتحدث هنا عن استثمارات الخليج في الكهرباء والمياه باعتبارهما مكونان حيويان لحركة التنمية المتسارعة، وأنه مع الامتداد العمراني والنمو والزيادة السكانية، لابد من المضي قدماً في تحديث الرؤى المستقبلية للاستثمار في قطاع الكهرباء بجذب ممولين ومشغلين ومصنعين وموردين لها. يفيد تقرير الصندوق العربي أنّ التكلفة الإجمالية لمشاريع الكهرباء التي أنجزت خلال العشرين عاماً الماضية حوالي ملياريّ دولار، منها "86"مليون دولار لربط شبكة الكهرباء باليمن، وحوالي "556"مليون دولار لمشروع الربط الثماني بين تركيا وليبيا ومصر وبلاد الشام، و"196" مليون دولار لمشروع الربط بين دول المغرب العربي، وحوالي "1،1"مليار دولار لمشاريع الربط الخليجي، حيث أسهم الصندوق ب"687"مليون دولار لتمويل تلك المشاريع أيّ ما يعادل حوالي "34%" من إجمالي تكاليفها. ويقدر أنّ دول الشرق الأوسط في حاجة لإنفاق "46"مليار دولار في قطاع الكهرباء خلال السنوات الخمس القادمة، وأنّ الحاجة ملحة لمشاريع بناء وتملك وتشغيل لمشاريع محطات التوليد الكهربائي. أما في دولة قطر فإنّ الطلب على موارد الطاقة يشهد نمواً متزايداً بنحو "7%"، وإزاء هذا النمو لابد من اتخاذ تدابير فعالة لتلبية الاحتياجات، ودفع عجلة الاستثمارات في الطاقة الكهربائية، حيث تستثمر الدولة أكثر من "10"مليارات دولار في عمليات توليد الطاقة وتحلية المياه خلال السنوات القادمة ومن المتوقع أن تزداد إلى أكثر من "20"مليار دولار خلال العقد القادم. في دولة الكويت خصصت الحكومة "2،5"مليار دولار للاستثمار في الكهرباء، وفي اتفاقية مشتركة بين الإمارات وتركيا تعاقدت على الاستثمار بقيمة "12"مليار دولار لتوليد الطاقة، وفي المملكة العربية السعودية من المتوقع أن ترتفع مبيعات الكهرباء بنسبة "46%" بحلول 2016 مقارنة ً ب2010، كما تعتزم شركة الكهرباء السعودية أن تستثمر "100" مليار دولار في هذا المجال لتتمكن من تلبية الطلب. يتبين من استعراض التقديرات المالية السابقة أنّ قطاع الكهرباء يتيح للشركات المحلية والخليجية خوض المنافسة في أسواقها، مدعومة ً بالآليات والتسهيلات الخليجية المقدمة لها، حيث يأمل المعنيون من صناع القرار والمصنعين والمشغلين، بناء قاعدة اقتصادية جديدة من الاستثمارات في الطاقة وكل ما يقوم عليها من كهرباء ومياه وطاقة بديلة وتعدين وخدمات ومنشآت ودعم لوجستي. وتعكف دول التعاون على تأسيس بنية تحتية من الطاقة الكهربائية بوضع استراتيجيات لجذب التكنولوجيا المشغلة لها، وتحقيق التوازن بين الاحتياج الفعلي والفائض الذي يمكن استثماره بالإضافة إلى الاستفادة من جزء من الفائض في تصديره لتحقيق عوائد. كما أنّ الوضع الراهن للشرق الأوسط والاضطرابات التي أثرت سلباً على الأنشطة الاقتصادية والبيئية والتجارية في عواصم الربيع العربي، والتي تضررت بنيتها التحتية من كهرباء ومياه وإمدادات خدمية بالأحداث والدمار، كان لابد من التفكير بجدية في مشروعات إعمار لشبكات الكهرباء والماء بما يعمل على تفعيل الاستثمار فيها. أما التحديات الراهنة هو كيفية توافر الاستقرار في الشرق الأوسط لبناء شبكة متكاملة من الكهرباء والمياه، وإعادة إعمار المدن المتضررة بعد تأثيرات الربيع العربي، وكيفية توظيف التقنية في تشغيل هذه الطاقة، وتهيئة كوادر محلية لتعمل على إحداث التناغم بين الاحتياج والفائض بما يتلاءم مع التطورات العالمية. في دول التعاون تعد المشاريع الصناعية الأكثر حاجة للطاقة الكهربائية، خصوصاً في السنوات القادمة مع الإعداد لتأسيس وبناء شبكة طرق حديثة وسكك حديدية مطورة، وبناء العديد من المنشآت الصناعية والتجارية، وهذا يصاحبه احتياج ضخم في الاستهلاك مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على فوائض جيدة. في المؤتمر المنعقد بالدوحة للاستثمار في الكهرباء سيفتح الباب أمام الخبرات والشركات لخوض شراكات في المعدات والأجهزة التشغيلية والتمديدات والتقنية المستخدمة في هذا القطاع، إذ رغم تكلفتها الكبيرة إلا أنّ التشريعات الخليجية وفرص التمويل والدعم الحكومي المقدم للمبادرين تذلل الصعوبات، وتحقق عوائد على المدى البعيد لكونه قطاعاً اقتصادياً تقوم عليه الصناعة اليوم.