10 سبتمبر 2025

تسجيل

التنمية الإدارية والبطالة

08 ديسمبر 2019

قامت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، في 2/11/2019، بالإعلان أنها قد طرحت 4500 وظيفة جديدة في القطاعين الحكومي والخاص للمواطنين، وتمّ توظيف 1400 باحث عن العمل، وتبقت 3100 وظيفة شاغرة حتى انتهاء السنة المالية الحالية. وأعلنت، في 21/11/2019، أنها تعكف قبل نهاية العام الجاري على استكمال تعيين الباحثين عن عمل في الوظائف المتاحة على نظام التوظيف وعددها 3273 وظيفة (انظر جريدة الشرق). وعند البحث عن عدد العاطلين نجد أنهم وصلوا في 2018، حوالي 7520 منهم 1870 من الذكور و5650 من الإناث (كانت أعداد العاطلين، في 2017، حوالي 2480). أي أن نسبة البطالة وصلت في قطر إلى 2.6 % من مجموع السكان القطريين. بجانب ذلك فإن هنالك حوالي 15 ألفا من المواطنين من فئة المتقاعدين. ويجب ألا ننسى أن جامعة قطر قد قامت في أكتوبر 2019 بتخريج 3220 خريجا منهم 752 من الذكور و2468 من الإناث، وهذا يعني أن هناك أعداداً أكبر ستضاف إلى العاطلين عن العمل. أما ما يتعلق بالقوى العاملة في قطر، فقد وصلت أعدادها، في 2019، إلى أكثر من 2.15 مليون، منهم 108 آلاف فقط من القطريين (69 ألفا من الذكور و39 ألفا من الإناث). أي أن نسبة العمالة القطرية لا تتجاوز 5 % من المجموع العام. ولو نضيف العمالة الوافدة التي وصلت حديثاً ولم يتم تسجيلها حتى الآن في السجلات الرسمية (تقدر بحوالي 670 ألفا) لأصبحت النسبة المئوية للعمالة القطرية أقل من ذلك بكثير. وكنت أتوقع أن تقوم الوزارة، بعد معرفة الواقع، بشحذ الهمم لزيادة مشاركة العمالة القطرية في المجموع العام، ولكني صدمت بأنها اكتفت بالتصريح في الجرائد بأن المتاح من الوظائف للمواطنين يقترب فقط من 3000 وظيفة، تاركة آلاف المواطنين عاطلين عن العمل، يصارعون من أجل البقاء. وأحب أن أذكر المسؤولين بالوزارة بأن قانون الموارد البشرية قد نص في المادة (13) بالتالي «يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف: 1- أن يكون قطري الجنسية، فإن لم يوجد فتكون الأولوية لأبناء القطرية المتزوجة من غير قطري، ثم الزوج غير القطري المتزوج من قطرية، ثم مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم مواطني الدول العربية، ثم الجنسيات الأخرى». إننا نعترف بأن عدد المواطنين القطريين قليل، ولا يمكن أن تغطي أعدادهم كافة متطلبات العمل، وبالتالي فإن الحاجة إلى الخبرات الوافدة أمر لا مفر منه في المستقبل القريب والبعيد، ولكن يجب أن توجه الموارد لصالح المواطن في المقام الأول والأخير. وعليه فإنه لا يجوز، بأي حال من الأحوال، إعطاء الأولوية في التعيين للجنسيات الأخرى. إن من أمر بتعيين الوزير وكبار المسؤولين بالوزارة هو رأس هرم الدولة، وصاحب السمو أمير البلاد المفدى يؤكد في كل خطاب على الاهتمام بالمواطن القطري في تعليمه وتدريبه وتوظيفه وإعادة تأهيله. وفي خطاب سموه الأخير في افتتاح الدورة الثامنة والأربعين لمجلس الشورى قال «لا يمكننا إنجاز النهضة وإيصال وطننا إلى مصاف الدول المتقدمة إذا لم نولِ الإنسان جل اهتمامنا، فهو عماد أية نهضة». ولكن مع كل هذا الاهتمام الكبير بالمواطن فإننا لا نرى أي أفعال من الوزارة تحقق الهدف المنشود، بل حتى أن الخطة الوطنية لتوطين الوظائف يمنع النظر إليها حتى لا يتم قياس مدى الفشل في تحقيقها. إن الوزارة تدعي، حسب تصريحات مسؤوليها، أنها تتبنى عملية التقطير، وبناء كوادر وطنية في عدد من التخصّصات التي يحتاج إليها سوق العمل في الدولة، وزيادة فرص مشاركة القطريين في عملية التنمية الاقتصادية في الدولة، ولكن المتتبع لعمل الوزارة يجد أنها لم تحرز أي تقدم في هذا الشأن، بل نجدها حتى الآن لم تستطع إنجاز وصف وتصنيف الوظائف العامة، وبالتالي لن تستطيع قياس جودة اداء الجهاز الحكومي. والمضحك المبكي أن الوزارة في خطتها التشغيلية لعام 2019 تذكر بالنص تحت البند (6) «الاحتفاظ والاستفادة من العمالة الوافدة». أما مخططهم لعام 2020 فقد نص تحت البند (3) «تطوير آليات استقدام العمالة». وفي نفس الوقت تركز غالبية بنود الخطة التشغيلية على العمالة الوافدة وطرق حمايتها. فهل هذا هو أسلوب من يريد توطين الوظائف؟ إن الوزارة يجب عليها، إذا أرادت العمل الصحيح، أن تتبنى خطة قابلة للتطبيق لتوطين الوظائف، وفق مسار زمني وعملي مدروس، ولابد من تحديد الأسس والمحاور الرئيسية التي يمكن أن تسير عليها، ولابد من أن تحدث هذه الأسس والمحاور تغييراً جذرياً في نظم العمل الحالية. وفي رأيي أن تضاف فقرة في عقود العمل للعمالة الوافدة تنص على ألا يجدد العقد إلا عند إثبات أن العامل الوافد قد قام بتدريب، وتأهيل عدد من المواطنين، وأن تقتصر الوظائف الإدارية والإشرافية والكتابية على المواطنين فقط. وفي الختام نقول للوزارة كفى إلصاق التهم بالمواطنين بأنهم لا يرغبون بالعمل، وبأنه ليس لديهم الكفاءة المطلوبة، وكفى تسميتهم بالباحثين عن العمل، فالدولة أعطتكم الصلاحية الكاملة في توطين الوظائف، وتشغيل المواطنين، وتدريبهم، بل وإعادة تأهيل من يحتاج إلى ذلك كما ورد في القرار الأميري (4) لسنة 2016 عندما حدد اختصاصات وزارتكم وذكر منها «الإشراف على تنفيذ القانون المنظم للموارد البشرية الحكومية، وقانون العمل، ووضع السياسات العامة للموارد البشرية بما في ذلك سياسات توطين الوظائف، ومتابعة تنفيذها، ووضع سياسات الابتعاث للجهات الحكومية في ضوء الخطة الوطنية لتوطين الوظائف، وتدريب الموظفين القطريين، وإعادة تأهيل الذين يشغلون وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم الدراسية». إن الاهتمام بالمواطن وتعليمه ومن ثم تدريبه سوف يؤدي إلى إنتاجية أكبر وبالتالي إلى توسع في حجم الاقتصاد القطري، وهذا لا يعني بالضرورة الاستغناء عن كل ما هو غير قطري. ولكن من المؤكد أن عدم إلحاق المواطن بالعمل هو الحكم بالإعدام على كل شاب أو شابة من أهل قطر. وكلمة نهائية نقولها لكل مسؤول إذا كنت لا تستطيع ترجمة معاني المواطنة، وترجمة حب اهتمام رأس الدولة، بواقع حقيقي بعيداً عن الأوهام والأحلام والتصريحات، فالرجاء التنحي وترك المكان لمن يستطيع. والله من وراء القصد،، [email protected]