19 سبتمبر 2025
تسجيلصوت عقارب الساعة يبعث على الهدوء... مجرد تك.. تك... تك... تك... صوتها يشير إلى الوقت الذي يمر سريعاً بلا توقف... بلا تراجع.... بلا مماطلة... تك... تك... تك... تك.... هنا الوقت يسير باتجاه واحد لا يعرف الالتفات إلى الوراء.... ودون أن يلفت انتباهه أحد لكي يعوقه عن السير... أما نحن فغالباً عكس الاتجاه... ونلقي باللوم على الوقت. الوقت لا ينتظر أحدا. لذلك هو كالسيف إن لم تقطعه قطعك. وبالتالي فإنه في معظم الأحيان " مقطعنا حتة حتة"... والسبب في ذلك تراخينا... واستهتارنا... ووضع ألف عذر وعذر للحيلولة دون الوصول إلى الهدف، وقد ينجم عن هذا التخاذل بأن تُهضم حقوق الآخرين... وردنا الوحيد هو: " كلها مسألة وقت "! معاشات الشؤون والحديث الطويل عنها، هاش تاغ في تويتر واحتجاجاتنا على المبلغ الزهيد الذي لا يُشبع ولا يُغني من جوع، للتذكير.....مجرد 2250 ريالا مخصصة لمستحقيها.... وبعدها بدأ مسلسل التصريحات السخيفة إلى أن أسهبوا في الحديث عن زيادة معاشات الشؤون قريباً وتعديل قانون الضمان الاجتماعي، ولا زلنا ننتظر.... وشيبانا ينتظرون... وأمهاتنا ينتظرن. ننتظر فقط اللحظة التي يرد فيها خبر الزيادة وتعديل القانون.. وإلى الآن لم تر هذه الزيادة النور! فيكون الرد المجحف هو " كلها مسألة وقت "! مبنى ردئ وآيل للسقوط يحمل ما بين أحشائه موظفين حكوميين، ومن طوابق عديدة، ويحوي مكاتب غير آدمية.... عشر موظفات يُحشرن في مكتب واحد... مكيفات " تعبانة "، لدرجة أنه يصعب عليك أن تُفرّق ما بين فصل الشتاء والصيف طالما أنك تعمل تحت سقف هذا المبنى التعيس... المسؤولون في هذا المبنى يقمعون في مكاتب فاخرة.. حمام في المكتب وآخر دلع. وأما مكاتب الموظفين الآخرين فحدّث ولا حرج! ومن عدة سنوات يسمعون بأنه سيتم تغيير المبنى... من مبنى تعيس إلى مبنى أتعس... "ما عليه... العوض ولا الحريمة... بس متى النقل؟" اليوم... بكرة.. اليوم.. بكرة.. والوقت مايزال يسير. تك..تك..تك.. والمبنى كما هو. والموظفون الحيارى في أماكنهم ويحملون حقائبهم للرحيل من هذا المبنى الذي بات أمراً مستحيلاً. " وكلها مسألة وقت يا جماعة "! زيادات.. علاوات. .بدلات.. امتيازات.. وأين هي تلك المزايا؟ في قانون الموارد البشرية الجديد.... وأين هو ذلك القانون؟ ما ادري! لقد أصبح " مثل بيض الصعو نسمع عنه ولا نشوفه ". مرت شهور طويلة وما زلنا ننتظر. ولكن لما كل هذا الاستعجال؟ وهو لم يعد سوى كونه "مسألة وقت"! هناك بعض المسؤولين من المعتوهين ادارياً وفكرياً وأخلاقياً. ولقد تم اختيارهم بموجب " حب الخشوم ". أحدهم قابع في مكتبه ولا يتجرأ أحد للحديث معه من شدة تعجرفه. والآخر يتسكع في ممرات الوزارة لكي يعاكس الموظفات. ومنهم من يتلاعب في معاملات الناس. وآخرون كُثر تتفاوت مساوئهم... وكل الطرق تؤدي إلى دفن الكفاءات. و "العود" يعد بتطهير المكان من أمثال هؤلاء المتعجرفين والمعتوهين. وتمر الشهور والسنون ولم يجد الموظف (طالب الإصلاح) أي تغيير... إلى متى؟ "اش فيكم كلها مسألة وقت". الهياكل التنظيمية للوزارات سئمنا من انتظارها.. كل يوم نتأمل أن يردنا الخبر. إلى أن طال بنا الأمد. فالهياكل أصبحت حديث الموسم. تطرق أبواب سمعنا كل يوم. ولم نجد أي شيء جديد حتى الآن... إلى أن أصبحنا هياكل عظمية بسبب الانتظار. " لا تحاتون... كلها مسألة وقت ". وهكذا نرمي باللوم على الوقت دائماً، ونعتبره حجر عثرة من تلقاء أنفسنا، وفي حقيقة الأمر فالمسألة تكمن باختصار في أننا نعجز عن اتخاذ القرار الصحيح... والسلام.. نقطة فاصلة: من أقوال — جبران خليل جبران: ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بالدم.. وليس السكوت الذي يحدثه الملل كالسكوت الذي يوجده الألم.. أما أنا فقد سكت لأن آذان العالم قد انصرفت عن همس الضعفاء وأنينهم إلى عويل الهاوية وضجتها.