28 أكتوبر 2025
تسجيلبعد مضي شهر من الحرب الضروس على أهل غزة والتي كشفت زيف كل ادعاءات حقوق الإنسان التي تسوق لها النظم الغربية حيث نرى هذا الدعم اللامحدود لعمليات جيش الاحتلال الوحشية ضد المدنيين في القطاع، لا تحدثني بعد اليوم عن حقوق الطفل الذي تناثرت أشلاؤه على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام الغربية وبحماية البوارج العسكرية الأمريكية والغواصات النووية، ولا تحدثني عن حقوق المدنيين ولا عن حقوق المرأة، ولا تحدثني عن التمييز العنصري ولا عن التطهير العرقي، فالمشهد يوحي بأن الإدارة الأمريكية عازمة على ارتكاب جميع الموبقات آنفة الذكر حتى يبقى قطاع غزة قاعًا صفصفا لا ترى فيه عوجًا ولا أمتا. إن تسويق النظام الغربي المنافق وبعض منظماته الخبيثة لحقوق الإنسان ماهو إلا «حصان طروادة» الهدف منه اختراق المجتمعات الإسلامية وخلخلة معتقداتها وثقافتها وبنيتها التكوينية والأخلاقية وإعادة هيكلتها عن طريق التعليم والفنون والرياضة لتصبح مسرحًا للثقافة الغربية بكافة أبعادها وتبتعد عن جذورها ويختفي مشروعها العالمي والإنساني الذي أكرمها الله به ببعثة رحمة العالمين وسيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، واستبدال بمشروع شيطاني يسوق للتفسخ والشذوذ وسيئ الأخلاق وينتج أشباه رجال وأشباه نساء لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا مما يسهل على الغرب عملية الهيمنة والاستغلال وتمرير صفقة القرن ومن ثمَّ التطبيع اللامشروط مع الكيان الصهيوني. هذا هو النظام الغربي بعد أن كشف عن وجهه القبيح ونفاقه المقيت وعن وحشيته وبربريته وحنقه على الإسلام والمسلمين، يقول الحق جل وعلا في كتابه المبين (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ)، ولا أدعي بأننا تفاجأنا من موقف الأنظمة الغربية ولا حتى من مواقف معظم الأنظمة العربية وذلك أن الشعوب أصبحت على درجة عالية من الوعي في الوقت الذي تعاني فيه وبنفس الدرجة من مصادرة الحريات والقيود والاستبداد والتهميش، لقد نجح النظام الغربي بامتياز في مشروعه على مستوى الأنظمة العربية وفشل على المستوى الشعبي والدليل على ذلك هذا التباين بين المواقف الرسمية والشعبية تجاه الحرب على غزة. ولا يخفى على أحد بأن المعادلة الصفرية التي ينتهجها جيش الاحتلال الصهيوني ومن وراءه أمريكا وأوروبا تهدف إلى سحق المقاومة ولو كلف ذلك قتل أهل غزة جميعًا، ونحن نعلم بأن المقاومة لن تستسلم ولن تضع السلاح إلا إذا توقف العدوان وهذا الوضع الجامد من الطرفين سيؤدي إلى المزيد من المجازر والقتل مما ينذر بتفجر الأوضاع في المنطقة على المستوى الشعبي وقد نشهد حالة غليان غير مسبوقة تهدد استقرار دول الطوق ومن ثم النظام العربي برمته. أرى بأنه ما زالت الفرصة مواتية للدول العربية خاصةً والإسلامية عامة وهي على أبواب انعقاد القمة الإسلامية الطارئة، في الثاني عشر من نوفمبر الجاري، لاتخاذ موقف موحد وصارم تجاه هذه الحرب الغاشمة لمصلحة بقاء وتماسك النظام العربي والإسلامي قبل أن يكون لمصلحة القضية الفلسطينية، علينا أن نستخدم جميع الأوراق الضاغطة على الكيان المحتل ومن يدعمه لوقف الحرب، وحتى تلك الدول التي لها علاقات مع الكيان الصهيوني أو لها موقف متشنج من «حماس» أو «جماعة الإخوان المسلمين» أو أي فصيل مقاوم للاحتلال لن تكون في مأمن من الزلزال العظيم ولن تصمد في وجه ارتداداته العاتية الناجمة عن انتصار المقاومة «بإذن الله» أو هزيمتها «لا سمح الله»، الوضع كما ذكرت في مقالٍ سابق «كش مات»، فانظروا إلى أي الفريقين تنتمون قبل فوات الأوان، فلا مكان غدًا للون الرمادي. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد