15 ديسمبر 2025

تسجيل

مفهوم الصالونات الثقافية في الوطن العربي

08 نوفمبر 2015

تحاول المؤسسات الثقافية وبعض الأندية والشركات في العالم العربي الترويج للفعل الثقافي والحراك الاجتماعي من خلال إنشاء صالونات يجتمع فيها منتسبو تلك المؤسسات، وبعض الموظفين، بقصد تبادل الأفكار وإقامة الفعاليات، سعياً للتنوير الشامل الذي يصب في جهود الدولة (أي دولة) من أجل رفع المستوى الثقافي والفكري بين الناس، ضمن خطط الثقافة التي تضعها الدولة.ولسوء الحظ، فإن أغلب الصالونات الثقافية في العالم العربي واجهَ بعض المشكلات التنظيمية والبشرية، ما أدى إلى حياد تلك الصالونات عن أهدافها الأساسية، بل ولم تُحقق المأمول منها، وأصبح أغلبها "واجه" للظهور الإعلامي والإعلاني، دونما تأسيس لثقافة جادة، حيث يغلب عليها نفس الحضور ونفس الأفكار، ونفس "الساندويتشات"!.وبرأينا أن تلك الصالونات الثقافية - في العالم العربي - تواجه الآتي: 1- عدم وجود مجلس إدارة للصالون يضع الخطط وينفذ الفعاليات عبر متخصصين في الشأن الثقافي، وهذا يؤدي إلى تكليف بعض متواضعي الفهم والتخصص من الإداريين للإشراف على تلك الصالونات، حيث تتحدد فعالياتها بمستوى وأفكار المشرفين عليها.2- غياب الرؤية الثقافية الشاملة والواضحة للصالون! ويكون الاعتماد على المشرف على الصالون، الذي قد يكون صاحب "علاقات عامة" جيدة، ولكنه لا يمتلك الأدوات الثقافية لاختيار المحاضرين، أو الحكم على جودة المعلومات والفعاليات، أو حسن اختيار الأوقات المناسبة. وهذا يؤثر سلباً على نوعية الفعاليات ونوعية الجمهور الذي يحضر. بل ولا يعرف الشخصيات الثقافية محلياً ولا خليجياً ولا عربياً. وضمن الرؤية يناقش الصالون القضايا التي تهم الجمهور المحلي، وأيضاً يضع الرؤى للدفاع عن المواضيع التي تتناولها وسائل الإعلام ضد البلد (أي بلد)، بل ويرد على الإشاعات المغرضة، لأن الصالون يشكل جزءًا من الرأي العام.3- تكرار وجوه المحاضرين، أو التركيز على ملمح معين من ملامح الثقافة! وهذا يرتكز إلى "مقاربات" مع المشرف على الصالون، ويحرم قطاعات كبيرة من المبدعين المؤهلين من المشاركة، ويضطر هذا المشرف إلى الاستعانة بمحاضرين من الخارج، ضمن ما تتطلبه تلك "المقاربات"، وهذا يؤثر على أهمية المحاضرة ودرجة الحضور.4- بعض الصالونات يريد "تسجيل موقف"، أي تقيم الفعاليات من أجل رفع تقرير آخر العام، لصاحب القرار يُذكر فيه (كم) الفعاليات، دون التركيز على (كيفها)، ولا تقترن هذه العملية بصورة علمية ناجحة، ويسود أغلبها المجاملة والتزوير.5- لابد لأي صالون - في أي بلد - بمناقشة القضايا والمسائل الثقافية والفكرية التي يشهدها المجتمع، مع تقديرنا بعدم وجود جنسية للثقافة، لكن الجوار الجغرافي له دور في تشكيل الرسالة الثقافية، لأن الجمهور المحلي ينجذب لقضاياه التي تلامس وجدانه وحياته اليومية، أما التركيز على "نوع" من أنواع الإبداع وتكرار الوجوه فلا يجذب إلا أصدقاء المبدع، وهم الذين يحضر لهم المحاضر في الفعالية التالية.6- تزخر بعض الصالونات بوفرة مالية يتحكم فيها المشرف على شؤون الصالون، في الوقت الذي تعاني فيه صالونات أخرى من شح مالي، وبالتالي يشكل العامل المادي المتوفر حافزاً لتنظيم فعاليات أكبر حجماً ومشاركة أسماء لامعة في الفضاء الثقافي.7- إقصاء بعض الرموز الثقافية الجادة والمؤثرة عن المشاركة في بعض الصالونات، وهذا مؤشر خطير ومؤلم، ولا يجوز أن يتحكم مشرف الصالون غير المواطن، في اختيار المحاضرين المواطنين أو مقاطعة بعضهم! وبعد، فإن الصالون الثقافي، أينما كان، يُشكل معلَماً حضارياً، ولابد من حسن إدارته عبر هيئة محلية تدرك دور الثقافة وتُحسن اختيار الفعاليات، وتقيّم أداء الصالون بصورة علمية كل عام.