30 أكتوبر 2025
تسجيلقد تكون ورقة نائمة على طاولة تملأها الذكريات …ربما زجاجة عطر …أو قنينة ماء …ولربما طيف حبيب أو صديق أو عابر سبيل …فوحدها الذكريات لا تغادر الأماكن، تبقي الأثر على كرسي جلسوا عليه… أو ركن سارت أرجلهم عليه..هم رحلوا وتبقت الذكرى …لذلك وحدها الذكريات لا تغادر الأماكن !يتشبث المرء في خيال مريض دون أن يلتفت للحظة لذلك الواقع ..يخلق لنفسه قصصا وأعذارا وروايات يوهم بها نفسه أن الذكريات قد رحلت …كلا … بل سكنت في تلك الأماكن … التصقت بزجاجة العطر … واتكأت على لوحات المقاهي … وأضواء الشوارع …النجوم وحدها لا تعيش إلا بوجود القمر..والقمر بالرغم من قبحه إلا أن الكثير لا يزالون يشبهون الوجه الجميل به!تتثائب السماء صباحاً ثم تطرق الباب على أهل الأرض ليستيقظوا … وتُحبس بعض الأرواح الراحلة حتى يحين موعد اقلاعها إلى عالم آخر …هكذا المحب … كذلك فعل الذكريات …أنت تولد من رحم امرأة وتترك لحظة تذكارية عظمى، وقت ولادة قطعة بشرية صغيرة سيتم تكفل مصروفها وإعادة حسابات أخرى لتصبح أشبه بفاتورة متجددة تحتاج إلى دفع بصورة دورية، تنتقل من مراحل عمرية هي أشبه بدرجات السلّم، كلما صعدت درجة واجهتك المواقف والذكريات، تلتفت إلى الوراء لترى درجة السلّم السابقة خاوية إلا من ذكرى منسدلة على سطحها، كنت ترى أموراً هي أشبه بالتعقيد لتنتقل إلى درجة سلّم جديدة فتضحك تباعاً على ما مضى، ولكل امرئ سجيته! في هذه الحياة لك الخيار إما أن تكون مجرد كائن تُصبغ عليه صفة "التفاهة" أو أن تكون ذا حظ عظيم، لا يوجد هناك وسط، والحظ قد يكون في دين أو صحة أو مال أو ذكاء أو علم أو راحة بال، فأما إذا اخترت أن تكون من شاكلة “ التوافه “ فاترك حبل حياتك على الغارب واجعل كل من شاء أن يسحبه كالخارجين عن المعنى الحقيقي للإبداع، هل قلت إبداعا؟ سيدتي / سيدي هنا يُقتل الإبداع ولن أحدد أين يُقتل ولن أفتح أيقونة تحديد المكان في هاتفي لأرى أين أعمل أو أين تعمل، هنا من ضمن عُرفهم بأن (فلان) لا يفهم و(علان) هو من يفهم، ولن أحدد الهوية فقط سأترك على طاولتي بعض الذكريات التي لن يجدها أحد إلا في مكان واحد بعيد كل البعد عن الظنون فأغرقها وسط زوبعة في فنجان قهوة ساخنة… إن كنت مبدعاً ضع رجلك على حافة الهاوية … ستقع من المنحدر … سترتفع روحك إلى السماء …وسيوارى جثمانك الثرى …وفي نهاية الأمر سيتم تكريم اسمك فقط كمبدع رحل عن عالمه العربي وقد تم الخلاص منه لأنه لو كان على قيد الحياة سيكبدّهم تكاليف الحصول على جائزة وهمية، هذا إن تم التفكير بك… أو لو كان اسمك يبدأ بحروف (خواجية) …أو لو كان شعرك ذا ألوان كستنائية ..أو لو كانت لغتك مختلفة …لدعوا الله أن يُطيل في عمرك وستُخلّدك الذكرى وستبقى معك في كل الأماكن !فــــ "استرح" يرحمك الله!