20 سبتمبر 2025

تسجيل

قطري بين ثقافتين

08 أكتوبر 2020

تتمركز ثقافة المجتمع القطري على شكل دوائر حول دائرة مركزية رئيسية هي ثقافة السلطة، بينما تدور جميع الدوائر الأخرى في فلكها، فالفرد القطري بالتالي مزدوج الشخصية فيه من دائرته الثقافية جزء والجزء الآخر يبحث عن موقع له فيه في دائرة الثقافة الرئيسية التي هي ثقافة السلطة، تمثل دوائر ثقافة المجتمع الفرعية، جميع تفرعات المجتمع القبلية والاجتماعية والطائفية، وتصطبغ في ذهنية المجتمع تأثراً برؤية ثقافة السلطة لها بصبغة وبأوصاف تميزها عن غيرها، فهؤلاء "أهل قنص" وأولئك "أهل بحر"، والآخرون "أهل تجارة"، لكن المجتمع مع حراكه الاجتماعي وتطوره كسر النسق التراتيبي المقفل فأصبح هناك كوادر فنية وأكاديمية ومثقفون من جميع دوائر المجتمع بلا استثناء، إلا أن العلاقة مع الثقافة الرئيسية ظلت كما هي علاقة تبعية، فاختفى التميز والتطور الذي حققته ثقافة المجتمع، فيما يتعلق بعلاقته مع الثقافة الرئيسية في المجتمع، ولربما لاتزال الثقافة الرئيسية لأفراد ثقافة المجتمع من خلال تلك الأنساق السابقة لعملية التطور التي شهدها المجتمع، وكلما توسعت واتخذت شكلاً جديداً ثقافة السلطة ضغطت بالتالي على ثقافة المجتمع. من المفترض أن تكون ثقافة المجتمع منتجة لثقافة سلطته حتى لا يحدث التصادم أو الازدواجية وحتى يستقيم المجتمع نفسيا، فالمجتمع الآن يبحث عن جزء من ثقافته ونفسيته داخل إطار ثقافة السلطة ما أمكن، مما يفقده التأثير والإنتاجية ويجعل من التعليم والشهادة العلمية مجالا ليس للانطلاق منه إلى الإنتاجية والعمل بقدر مايكون وسيلة للحصول على موقع داخل ثقافة السلطة، وإن تحقق ذلك بدونها، تكون قد فقدت قيمتها وذهب التعب في تحصيلها هباء منثورا.