13 سبتمبر 2025

تسجيل

يد الغدر تغتال خاشقجي

08 أكتوبر 2018

ومات خاشقجي! ولنقل قتلته أيدي الغدر السعودية التي طالته في تركيا حتى استدرجته حيا ثم رمته مقتولا!. هذا ما تم تداوله حتى كتابة هذا المقال في التأكيد على مقتل الكاتب السعودي المعارض جمال خاشقجي الذي دخل القنصلية السعودية في إسطنبول آمنا على نفسه وحياته ومتمنيا أنه سيخرج منها بعد قليل ، لاستكمال مراسم زواجه الذي لم يتحقق بعد أن طال اختفاؤه داخل القنصلية خمسة أيام . قضى فيها العالم في تساؤلات حول سر هذا الإقصاء الوحشي الذي تعرض له خاشقجي داخل قنصلية بلاده حتى تفجر الأمر عن عملية اغتيال أقل ما توصف به بالعملية الإرهابية - قام بها فريق سعودي من 15 قاتلاً ، من ضمنهم مسؤولون سعوديون تزامن حضورهم للقنصلية مع تواجد خاشقجي فيها لينفذوا جريمتهم البشعة في حق رجل كان معتدلا في طرح آرائه ونال ولي العهد السعودي من قلمه المدح الكثير لبعض سياسته والذم الكثير أيضا في البعض الآخر ، ثم العودة مباشرة إلى الوجهات التي أتوا منها على متن طائرتين خاصتين-. لكن كما هو حال الرياض مع أي معارض ذي صوت مؤثر ومسموع،  كان لهذا الرجل الراحل أن تغتاله أيدي الغدر. ويكون الرد على ذلك حتى الآن ما أوردته وكالة بلومبيرغ بأن أبواب القنصلية السعودية في إسطنبول مفتوحة لقوات الأمن التركي للتفتيش عن خاشقجي وذلك بعد نحو خمسة أيام من دخوله لها!. نعلم جيداً أن الرياض باتت تتعامل مع معارضيها بالسوط والسيف سواء داخل سجونها المظلمة أو خارجها،  ومقتل خاشقجي إن صحت الأخبار عنه هو سياسة طبيعية لدولة امتهنت الإرهاب منذ نشأته  فيها وتصديره للعالم من وقتها وتصفية خاشقجي بدم بارد على أرض تركية المنشأ وسعودية الهوية لا يأتي إلا من خلال سلسلة ستتوالى مستقبلا لقتل كل معارض لسياسة (مبس) ولا شك أن أحوال العلماء والكتّاب والدعاة الذين يقبعون حاليا داخل سجون الرياض لا تقل خطورة عما يمكن أن يلحق بالمعارضين في الخارج والله وحده يعلم بحالهم التي وصلوا إليها،  خصوصا بعد توارد الأخبار عن حالتهم الصحية الحرجة من التحقيقات ورمي التهم جزافا لهم، ولا شك أن مقتل خاشقجي غيلة ستكون له توابعه الخطيرة ، سواء على العلاقات التركية السعودية من جهة في قتل الرياض مواطناً سعوديا على أرضها وفي مبنى دبلوماسي حساس،  ومن جهة أخرى على العلاقات الأمريكية السعودية لتجرؤ أيادٍ سعودية على اغتيال مقيم اختار الولايات المتحدة الأمريكية وتحديداً العاصمة واشنطن أرض منفى وإقامة له،  كما أنه كاتب نشط في إحدى أكبر مؤسساتها الإعلامية وهي صحيفة الواشنطن بوست التي وصفت اغتيال كاتبها بالعمل الوحشي ، لكن يبدو أن السعودية قد درست كل هذه العواقب الوخيمة لفعلتها الشائنة ، فحرصت على رفع أصوات ممثلي قنصليتها المجرمة في إسطنبول وسفارتها في أنقرة من خلال أقوالهم المتضاربة حول عدم تسجيل الكاميرات المنتشرة داخل أروقة القنصلية، لتواجد خاشقجي فيها،  بينما أكدت تقارير الكاميرات التركية الموضوعة على طول الشارع الذي تتواجد فيه القنصلية السعودية أن خاشقجي دخل إليها لكنها لم تسجل خروجه،  وإنما خروج سيارات دبلوماسية غير قابلة للتفتيش بعد نحو ساعات من دخوله لها ، وترجح تقارير الشرطة التركية بناء على ما أوضحته هذه الكاميرات أن إحدى هذه السيارات كانت تحمل جثمان خاشقجي المقتول لتتخذ تدابيرها لاحقا في رمي جثته بإحدى طرق إسطنبول الضيقة وتمويه الحادثة على أنها حادثة قتل جراء السرقة وما شابهها وإرسال فريق تحقيق سعودي للمشاركة مع نظيره التركي في كشف سر جريمة مقتل الكاتب جمال خاشقجي تماشيا مع المثل القائل" يقتل القتيل ويمشي في جنازته". وتبقى الأسئلة تدار ماذا بقي بعد إهانات ترامب المتكررة للسعودية،  وفضيحة مقتل الإعلامي المعتدل جمال خاشقجي لهذه الدولة المتضعضعة سياسيا لتحفظ به ماء وجهها العكر؟!.. ماذا بقي لهذه الجارة المفككة داخليا لتفعله وتزيد من غلة جرائمها ومغبة ارتكابها لها في زيادة سمعتها العالمية سوءا عما هي عليه اليوم؟!..هل كان خاشقجي بتلك الخطورة التي رأته عليها الرياض لتسارع في استدراجه وتصفيته بهذه الصورة التي لازالت تنكر فصولها ومصرة على أقوالها المضحكة في عدم تسجيل كاميراتها الداخلية تواجد خاشقجي فيها وعدم الرد بإجابة واضحة عن كشف تسجيلات كاميراتها الخارجية المثبتة عند بوابتها الرئيسية لإثبات خروج هذا الرجل من داخلها؟!..وكلها أسئلة لم تلق حتى ساعة هذا المقال إجابات مقنعة. فاصلة اخيرة: تستطيع أن تقتل الجسد، ولكن لا يمكن أن تقتل الصوت الحر معه. رحم الله جمال خاشقجي وغفر له.. لم يطبل لكن حروفه على ما يبدو كانت مزمجرة!. [email protected]