15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); منذ معرض الكتاب الذي أقيم العام الماضي في الرياض، وأنا أكتم بداخل نفسي ألما، لم أكن أنتظره.كان الكم الموجود من المؤلفات العربية كثير، ولكنها ما بين مؤلفات في الطبخ إلى مؤلفات لا تعرف كيف تصنفها!. ما نتابعه في معارض الكتاب التي تقام في دولنا العربية، يتصادم مع إحصائيات متفرقة قرأتها، نشرها المركز العربي للتنمية، تقول بأن عدد الكتب المؤلفة سنويا، والمتوافرة للطفل العربي لا تزيد على 400 كتاب، مقارنة بـ13260 كتابا للطفل الأمريكي مثلا.كما يتصادم مع دراسة أخرى تتحدث عن أن كل 20 مواطنا عربيا يقرأون كتابا واحدا فقط في السنة، بينما يقرأ المواطن البريطاني 7 كتب والمواطن الأمريكي 11 كتابا في السنة!.أعلم أن الفرق كبير جدا، لكنني من خلال رصد بسيط، تواصل مع ما تابعنا مَشاهدُه في معرض الكتاب الحالي في البحرين، يتبين أن لدينا مشكلة حقيقية.المشكلة تتحدث عن أن معارض الكتاب التي تقام دوريا في دول الخليج، تباع فيها كميات كبيرة من الكتب، وتستقطب أعدادا كبيرة من المكتبات، ومن الزوار والشرّاء.ولكن هناك مشكلة حقيقية في النوعية، سواء نوعية الكتب التي تباع، أو حتى في نوعية العقول التي تشتري.وجدت إحدى المكتبات الجديدة، يلتم عليها خلق كثير، فلما فحصت وعاينت، تبين أنها مكتبة متخصصة في بيع روايات العشق والحب والهيام.قلت في نفسي، لعل حب الأدب، والشغف لقراءة الأساليب البلاغية التي تعبر عن تلك الحالات العاطفية، قد وجدت إلى نفوس شبابنا طريقا. تعمقت في البحث، فما وجدت إلا صفحات بيضاء، سوّدت بأحبار لا تساوي في قيمتها الورق التي كتبت عليه!.الأسوأ من ذلك، هو الترويج الحاصل لبعض ما يسمّى (كتبا) و(روايات)، وتضخيم من ألفها، وكأنك ستقرأ مؤلفات للمنفلوطي أو الرافعي أو الطنطاوي، لتصطدم بعبارات نقلها مؤلفها من رسائل "واتس آب"، اعتبرها تعبيرا عن حالة عاطفية من العشق المجنون الذي يجب أن يحفظه له التاريخ!!.بالأمس أرسل إليَّ أحد الأصدقاء، صفحة واحدة من هذه المؤلفات، يقول أحدهم فيها: "التخرفن .. مصطلح معبر عن واقع العفلنقيه.. واعتقد اللي طلعت هالمصطلح وحده من نوع صاروخ جو جو.. والتخرفن أنواع.. النوع الردي هذا اللي علفه متروس مواد كيماوية.. من يشوف وحده بالمول يلاحقها عزباء متزوجة مو حاطه شباصه.. وراها وراها.. النوع الأسترالي هذا شغله"!!.دعكم من كل ما دوّن في الفقرة السابقة، وتحسّبوا وحوقِلوا!.أما الآخر، فوالله إني لأخجل أن أنشر ما كتبه من فسق ودعارة، صفها في (كتاب)، يباع في معرض للكتاب، بجانب كتب علماء وأدباء مازال الركبان يتحدثون بما خطّت أياديهم.المأساة ليست بوجود ذلك الغث في معارض الكتاب، ولكنه في جمهور ليس ببسيطا، بات يطرب لهذه الألحان النشاز في عالم المؤلفات والإبداع والكتب.كنا نحذّر من غزو ثقافي خارجي، وإذا بنا نفاجأ بغزو تدميري داخلي، يجمّل الحرام، ويحلل الشذوذ والانحراف!انحطاط بدل أن يعزّر من كتبه، تجده بين ليلة وضحاها قد بات (رمزا) وطنيا، و(مؤلفا) مرموقا، يشار إليه بالبنان، بين جماهير عربية منكوبة في أراضيها، وها هي اليوم تُنكب في ثقافتها.جماهير مغشوشة، تشير إلى أولئك بأنهم مؤلفون ومبدعون صعدوا سلّم المجد، يقفون في صف واحد، مع الفائزين بالأمس بجوائز نوبل في العلوم والآداب.عندما يهبط الذوق العام عن أمة من الأمم، تجدها بارعة في صناعة التافهين، الذين يصبحون أبطالا في كل مجال.أبطالا على وسائل التواصل الاجتماعي، حصدوا مئات الآلاف من المتابعين، فقط بسبب الاستهبال، بينما تجد علماء ومفكرين، لا يتجاوز من يتابعهم ويقرأ نتائجهم الفكري عشرات الآلاف!.تفاهة الفكر، وتفاهة الثقافة، تصنعها الجماهير، ولا يصنعها التافه الحقير. برودكاست: هذا الكلام ليس موجها ضد أحد، ولكنه محاولة نقدية لسلوكنا نحن كأمة، لم يكفها الغزو الخارجي الذي دمر كل شيء جميل بداخلها، لنفاجأ بغزو داخلي، بات يدمّر كل القيم والمروءة والأخلاق.