17 سبتمبر 2025

تسجيل

الغرب يدعم النمو وخفض البطالة (2-2)

08 أكتوبر 2014

لطالما اهتمت البنوك المركزية الكبرى في الدول المتقدمة بالاعتماد على السياسات التقليدية التي تعمل على الحد من التضخم، إلا أن الأزمة المالية العالمية الراهنة والتي بدأت فصولها في الربع الأخير من عام 2008 قد دفعت العديد من هذه البنوك المركزية إلى اتباع سياسات نقدية غير تقليدية تستهدف دعم النمو وخفض البطالة حتى وإن كان ذلك على حساب زيادة معدل التضخم. حيث توسع البنك المركزي الأمريكي خلال هذه الفترة في برنامج شراء الأصول وسندات المديونية مع تأكيد المسؤولين به على منح الأولوية في المدى الطويل لسياسات التشغيل وخفض البطالة، بالإضافة إلى تثبيت أسعار الفائدة.. كما أعلن "مارك كارني" محافظ البنك المركزي البريطاني الأسبوع الماضي عن استهداف البنك هذا العام لمعدل تضخم 2%، مما دعا لجنة السياسات النقدية بالبنك إلى التوصية بالاستمرار في تطبيق سياسة التيسير الكمي بما يسهم في تحقيق المزيد من دعم النمو وخفض البطالة. كما أعلن البنك المركزي الياباني عن تمسكه ببرنامج التحفيز المالي الذي سبق وأن وضعه البنك العام الماضي للخروج من براثن الأزمة الاقتصادية والمالية، وأكد المسؤولون به على أنهم لن يجروا أي تعديلات على السياسات النقدية التي ينتهجها البنك، وكذا التزامهم بضخ ما بين 60 – 70 تريليون ين "حوالي 590 – 690 مليار دولار" سنوياً لشراء أكبر قدر ممكن من الأصول والسندات اليابانية، وصرح محافظ البنك المركزي بأن عليه أن يفعل كل شيء وأي شيء لاستهداف الوصول إلى المعدل الذي سبق وأن حدده من قبل "شينزو آبى" رئيس الوزراء وحكومته وهو 2% سنوياً. هذا وقد أكد "هاريو هيلكو كيورودا" محافظ البنك المركزي الياباني في أعقاب اجتماع مجلس إدارة البنك في الشهر الماضي، على أن التعافي الاقتصادي ببلاده مازال هشاً ويعتمد بشكل كبير على الطلب الداخلي، وذلك بالنظر لعدم زيادة الصادرات بقدر ملموس، وأكد كذلك على أن هذا التعافي الاقتصادي سيكون متواضعاً لسنوات قادمة إلا أنه يتقدم بثبات نحو تحقيق معدل التضخم المستهدف وهو 2% مما سيضطر العديد من الشركات اليابانية إلى زيادة أجور العاملين بها وكذا زيادة إنفاقها الرأسمالي ومن ثم الحفاظ على معدل التضخم المرتفع. ورغم تأكيد البنك المركزي الياباني على زيادة معدل الإنفاق الرأسمالي والذي من المتوقع أن يتزايد مع زيادة أرباح الشركات، وكذا الحال بالنسبة لإنفاق المستهلكين، فقد خفض البنك من توقعاته بشأن معدل النمو الاقتصادي المستهدف ليصبح 1% فقط بدلاً من 1.1% كما كان مقدراً له منذ شهور قليلة، إلا أن العديد من الخبراء يتوقعون انخفاض معدل النمو باليابان هذا العام إلى 0.9%.. وإن أكد البنك المركزي الياباني على أن معدل التضخم خلال عامي 2015، 2016 سيكون 1.9%، 2.1% على التوالي. وقد أدى تطبيق السلطات اليابانية لزيادة ضريبة المبيعات مؤخراً إلى انكماش الاقتصاد الياباني بنسبة 6.8% خلال الشهر الماضي على أساس سنوي، وهو يعد الانكماش الأكبر بالبلاد منذ الزلزال المدمر في مارس 2011، لذا فقد جاءت نتائج الناتج الصناعي وإنفاق المستهلكين والبطالة أسوأ كثيراً من توقعات هؤلاء الخبراء، وذلك رغم الدعم القوى الذي قدمته الحكومة والبنك المركزي من سياسات تحفيزية والتي أطلق عليها البعض "الابينوميكسيه" نسبة إلى رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي". هذا وقد واجه البنك المركزي الياباني "من وجهة نظر العديد من الخبراء" معضلة كبرى تمثلت في ارتفاع معدل التضخم بالبلاد وفي الوقت نفسه انخفاضه، حيث يعد التضخم مرتفعاً بالنظر إلى أن مستويات الأجور لم تعد مواكبة لارتفاع أسعار السلع والخدمات مما يضع المواطنين العاديين في وضع أسوأ كثيراً عما كانوا عليه من قبل، ويعد التضخم منخفضاً في ظل الاعتقاد الراسخ للبنك المركزي بأن المزيد من رفع الأسعار يعد أمراً ضرورياً لبقاء الاقتصاد الياباني بعيداً عن حالة الانكماش. ومع تشكيك الكثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين والماليين في إمكانية تحقيق البنك المركزي الياباني لخطته الرامية لزيادة معدل التضخم إلى 2% سنوياً بما يعمل على زيادة النمو وخفض معدل البطالة، فقد أكد محافظ البنك في أعقاب اجتماع مجلس الإدارة الأخير على أن سياسات وخطط البنك التحفيزية غير التقليدية لن تتغير وأنها قادرة على تحقيق أهدافها رغم تطبيق السلطات المالية لزيادة ضريبة المبيعات وما ترتب عليها من آثار سلبية على الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد.