27 أكتوبر 2025

تسجيل

أسعار النفط والخروج من هوة الديون العالمية

08 أكتوبر 2014

يرى صندوق النقد الدولي في ارتفاع أسعار النفط أنها نتيجة زيادة الطلب عليه في ظل أزمات متلاحقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ووصفه بتعافٍ هش لا يمكنه أن يحقق عوائد ربحية عالية، لإنقاذ الاقتصاديات العربية والأوروبية من هوة الديون المتفاقمة. وقد ذكر الصندوق أن أوروبا تعاني من التعافي الهش في اقتصاداتها، وتراجع ثقة المستثمرين، واتساع هوة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، الذي أدى بدوره إلى كبح رغبات المستثمرين في بناء مشروعات جديدة، وتوقف الصادرات في الكثير من الدول التي تنتشر فيها الاضطرابات. وحذر أيضاً من ارتفاع أسعار الفائدة في الكثير من دول العالم، وأنه يتزامن مع التعافي غير المناسب لخروج أوروبا من كبوتها، وترافق كذلك مع النمو الهش للأسواق الناشئة، التي انعكست على المجتمعات الغربية وأدت إلى موجة من التذمر اجتاحت الأسواق. أضف إلى ذلك الظروف الراهنة التي يمر بها الشرق الأوسط من تفاقم الاضطرابات السياسية، وتراجع ثقة المستثمرين في تنفيذ مشروعات جديدة، وضعف نمو المشروعات القائمة، وتذبذب أسعار العملات، وارتفاع أسعار النفط، وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، الذي انعكست آثاره على الجانب الاقتصادي بالدرجة الأولى، فتوقفت عجلة النمو وتراجع الأداء في الكثير من أنشطتها التجارية والتنموية. من مظاهر الأزمة كما وصفها النقد العالمي، هو انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، وانخفاض معدل نمو الصادرات، وانتشار البطالة وقلة العمل المنتج، وحدوث ظاهرة التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة والذهب والنفط. وكانت التحليلات الاقتصادية أشارت في وقت سابق إلى انقسام الاقتصاد العالمي إلى اقتصادين، الأول: يضم الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان، وهو يعاني من الديون المثقلة التي ارتفعت نسبتها من 46% في 2007 إلى 70% في 2011، ويتوقع الخبراء أن تتفاقم إلى 80% في 2016. والنوع الثاني: يضم الدول المتصاعدة مثل الصين، التي أسهمت بنسبة 66% في زيادة الناتج العالمي بين سنوات 2007 ـ 2011، والتي لم يتجاوز دينها الحكومي نسبة 28% في 2007 ومن المتوقع أن ينخفض إلى 21% في 2016. هذا يدل على مدى الفارق الكبير بين ارتفاع معدلات المشكلة في دول اليورو، وانخفاض الديون في الاقتصاد الآسيوي. أضف إلى ذلك ما ذكره صندوق النقد أن دول أوروبا فشلت في تحقيق نموذج ملائم للنمو، بسبب تراخي الدول الغنية في اتخاذ إجراءات حاسمة، لتقديم الدعم المالي للدول الأقل حظاً، وأوروبا ذاتها تعاني من الكساد والبطالة والفقر وانهيار البورصات وأنظمتها المالية. وبلا شك فإن التأثير المتصاعد لأسواق المال سيؤثر على القرار السياسي لدول اليورو، وهو يشكل ضغطاً أكبر على الحكومات للتحرك لإنقاذ أنظمة المال المتهاوية. فقد ذكر الصندوق أنّ العالم بحاجة إلى مزيد من الجهود للتعامل مع الديون الحكومية والمصرفية الهائلة، التي تواصل التأثير على معدلات النمو، وتقوض استقرار الأنظمة المالية، وأنه بسبب النمو المتأخر الذي تم الاتفاق عليه في 2010، إلا أنه لم ينفذ حتى الآن حيث إن عامل الوقت لم يعد مجدياً وكافياً لفعل شيء. هذا التحذير الذي أطلقه مؤخراً بسبب فشل الدول الأوروبية في صياغة حلول مالية كبيرة وقادرة على إنقاذ بنوك صغيرة، وتزايد الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية، والصعوبات التي تقف عقبة أمام اقتصادات الدول الناشئة، والإنفاق الهائل على مشروعات البنية التحتية والإصلاحات. وذكر أنه رغم تشجيع صناع القرار في أوروبا وأمريكا على طرح الإصلاحات الأكثر عمقاً في أسواق العمل الخاصة بهم، واللوائح والأنظمة التي تقيد حركة التجارة، وتهدف إلى وضع أجندة للسوق، وتحفيز معدلات النمو وخلق مزيد من فرص العمل. ومما يفاقم من هذا التوتر، مخاوف الأوضاع المتأزمة في أوروبا الشرقية وأوكرانيا، الأمر الذي جعل المستثمرين يتجنبون المخاطرة في أسواق المال، تحسباً من انهيارات مفاجئة، أضف إلى ذلك مخاوف أصحاب المصانع والمزارع والمؤسسات الكبرى والشركات من تأثر سلبي لليورو، بسبب تزايد حدة الخلافات السياسية والتحركات غير المستقرة في تلك الدول. ورغم أنّ البنك الأوروبي المركزي أفاد بأنه لا يرى أيّ دلائل على تقلص النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو، وقد تحسن وضعه في السنتين الأخيرتين، حيث ارتفع اليورو، إلا أنه سيؤجل تطبيق إجراءات تحفيز النشاط الاقتصادي وأن معدلات التضخم جاءت أقل من المتوقع. ورغم أن الاتحاد الأوروبي يرى انتهاء أزمة الديون، وأنه بدأ يستعيد نشاطه وقوته، إلا أن وصول معدل البطالة إلى 20% يبين أنّ الخروج من الهوة لا يزال يحتاج إلى وقت، وأنّ علامات الانتعاش كما يراها الاتحاد الأوروبي ليس واضحة المعالم. أما في منطقة الخليج فقد توقعت تقارير دولية تباطؤ النمو في دول مجلس التعاون الخليجي العام الحالي، نتيجة اعتدال نمو إنتاج النفط وأن ارتفاع أسعار النفط والإنتاج الضخم للطاقة سيوفران الدعم القوي للمنتجات غير النفطية. كما أنّ اقتصاديات التعاون ستبقى متأثرة بأسواق النفط العالمية، وأنّ المخاطر الرئيسية تأتي من التدهور المالي الخارجي، الذي يشكل خطراً على المدى القصير وتباطؤ الاقتصاد الصيني والآسيوي وزيادة أزمة اليورو والتقلبات السعرية. وإزاء الوضع الراهن للاقتصاد الدولي تؤكد الحكومات الخليجية أنها ستواصل استخدام عائدات النفط المرتفعة لتحفيز اقتصاداتها، وأنّ الفوائض المالية من الموازنات السنوية ستعزز من أوجه الإنفاق إلا أنها تواجه تحديات رئيسية هي التنويع الاقتصادي وارتفاع الأسعار وإيجاد مصادر جديدة للدخل. وبرؤية أكثر قرباً من الواقع.. فإنّ دولة قطر ستواصل دعمها لأنشطة الدولة الاقتصادية مدعوماً بالسياسات التنشيطية، التي تنتهجها الدولة في ظل التباطؤ العالمي، كما تشير التوقعات إلى زيادة دور القطاع غير النفطي في النمو المحلي بما سيعود على نمو القطاعات الفرعية خاصة الخدمات المالية.