13 سبتمبر 2025
تسجيل"يحقّ لكم أن تفخروا بهذا الوطن" .... هذا ما ذكرته لي مواطنة استرالية هي وزوجها عند عودتها من زيارة عمل قصيرة لقطر.تصادف أن دخلت قطر هي وزوجها لأول مرة في الصيف ومع تغير الجو أصيبا بنزلة شديدة جعلتهما يقصدان طوارئ مستشفى حمد العام، فلم يحظيا فقط بحسن الرعاية وجودة العلاج وسرعته، بل بحفاوة الاستقبال وحسن التعامل من مدخل البوابة إلى آخر مسار في المستشفى. سألتها: ألم يمر عليك أيضا نادلٌ بضيافة القهوة والشاي والماء، قالت: حقيقة بُهرت بما رأيت، يحق لك أن تفخري بوطنك ويحق لي أن أفخر بأنني أعمل لقطر، هذا وهي تعمل في استراليا في مجال للدولة، ولكنها المرة الأولى التي ترى فيها قطر التي عرفت، لتقارنها بقطر التي خبرت، وليس من خبُر كمن سمِع.تلك هي الحقيقة التي لن يقف عليها من يعرف قطر كدولة عن بُعد، ولن يسمع بها من إعلام غربي حاقد ومضلل، بل سيخبرها عن قرب ليصدّق بتجربته وبأمّ عينيه ما سمعه بأذنه، تلك المعرفة التي لم تفِ بها إلى اليوم لا كتابات ولا مؤلفات، ولا حتى نشرات صحفية أو أفلام تعريفية أو وثائقية تُكتب وتُخرج من قطر بلغة الآخر أو حتى أفلام شاملة عن قطر ونهضتها الحديثة ذات الهوية والمواكبة للعصرية، بحيث تُعرض في الإعلام وفي طيرانه الرسمي بلغة الآخر في الوقت الذي تبرز فيه الأفلام الوثائقية دولا غيرها لا على مستوى فيلم عن المطار وتعليماته وإرشاداته فحسب، فتعرض على شاشات الطيران الموحد One World "، والذي منه أسطول "القطرية" عند النزول في مطاراتهم، كمثل الفيلم الشامل الجميل والخاص بأستراليا الذي تعرضه "القطرية" أيضا قبيل نزولها في محطة "بيرث" أو "ملبورن".في وقت نعترف فيه نحن وأسطولنا ومؤسساتنا المعنية أنّنا مقصرون، مقصرون كإعلام في إظهار قطر بصورتها الحقيقة للجمهور الدولي، ولن أقول في تسويق قطر، لأن التقديم أمر يجب أن يسبق التسويق السياحي ببرامج تنفيذية تواكب حقا الطفرة التنموية وتوضح للجمهور الخارجي الاستثمار في الإنسان والخدمات المقدمة له في قطر بصفة عامة "مواطن ومقيم" الذي نهجته ونفّذته قطر حتى قبل الطفرة المعمارية والبني التحتية، تقديما يدحض الصورة المغلوطة التي تفنن الإعلام الغربي في وصم قطر فيها بأمرين: أولا، نسبة نجاح قطر وأعمالها وإنجازاتها فقط للمغتربين العاملين في قطر، ولا أقصد عمالة البناء والتشييد فحسب، بل حتى أعمالها الأخرى، لهم فقط دون القطريين - مع عدم غبننا لهم في المشاركة- إلا أن ذلك يهضم قيمة أمرين: أولا هضم قيمة الوطن وقيمة المواطن القطري البسيط والفقير قديما، والذي بذل الغالي والنفيس سلفا وبمفرده قبل عصر النفط ومع إرهاصات النفط الأولى وعمل بسواعده في كل الأعمال اليدوية الشاقّة والمنصات الخطرة في عرض البحر، وفي التشييد وفي ذات أجواء قطر الحارّة، هذا قبل أن تصبح قطر مركز إغراء واستقطاب للتوظيف والعمل الذي بدأ يشهد تدفقا فقط - بعد عصر النفط - أي بعد تأمين العمل للمستقدمين وفقا للأجر - الذي لا ننكره بالطبع ولا نغبنهم جهدهم وحقهم - ولكن جهود الإنسان القطري حقيقة مجهولة، فلم توردها أفلامٌ وثائقية مجددّة بلغات، فتركت الساحة لمقالات وتقارير ظلمت قطر وأهل قطر، وتركت المجال للعابثين لأن يصوروا العمل بالأجر حاليا في عهد طفرة قطر الاقتصادية "سخرة"!! بتضليل مبيّت ومغرض. هذا في الوقت الذي لم يقْدُمْ الآخرون للعمل في قطر ك "حَسَنةً" ولا "تطوعا" لا الأفراد ولا حتى شركات التنقيب الكُبرى. فتاريخ الغوص والعمل اليدوي من قبل أهل قطر في منصات النفط وحقوله والتشييد لعصر جديد حقيقة مر بها كل رجالات قطر الأشراف طيب الله ثرى من رحل منهم وحفظ الباقين، نتمنى أن يُعرض على العالم فيلم يوثق للعالم بتسلسل تاريخي من عَمّرَ قطر بداية، من بدأ مسيرة صناعتها في تحمّل لشظف العيش وزهد الأجور وشح موارد لم يكن يعلم عن خباياها في الأرض، بل عمل لها باخلاص من واجب الوطنية حتى قبل أن تستكمل بشائر تنقيبها وتعمّ على الوطن بالخير العميم.الوصم الآخر هو: هضم قيمة الحقوق والامتيازات التي تبذلها قطر وتقدمها حاليا لمن يعمل فيها من الناحية الإنسانية ناهيك عن الحقوق المهنية المتعارف عليها دوليا. لقد تفنّن إعلام الغرب في إبراز صورة سلبية عنا فيما يتعلق بحقوق العمالة دون إبراز الجانب المشرق الذي كفل حقوقا أخرى عامة، فضلا عن تأمين التعليم والصحة لأسر المغتربين وما سواها من ممارسة الحقوق العامة، والتي وفرت منها قطر حتى حقوق ممارسة الشعائر الدينية، ولكنها كما قلت لم تحضَ برُبْعِ النشر العام الذي لا نرتجي منه أن يروّج لقطر بقدر ما يقدّم بنزاهة وموضوعية حقيقة لن يستطيع مواطن منّا أن يكتبها مهما أوتي من بلاغة الكَلِم لأن شهادته مجروحة في وطنه حتى يأتي من يخبر قطر ليكتشف معدن الذهب الأصيل في هذا الوطن خدمة ومعاملة. هذا في الوقت الذي يشهد فيه التاريخ أن دول الكشوف الجغرافية ومستعمراتها - بريطانيا وفرنسا – بل وحتى العالم الجديد المتحضّر لم تبنَ إلا على سواعد المُسْتَعَمرَين من سكان الدول الأصلية التي انقضّت عليها، والمساجين الذين استعملتهم عليها دون أن تكون عمارتها آنذاكَ وظيفة بكرامة وأجر، بل "سخرة" جائرة تشهد عليها السجون التي كبّلتهم بها في المستعمرات شرقا وغربا، والتي لا تخطئها وثيقةٌ تاريخية رصدتها، ولا عينٌ زارتها.ما نعلمه عن قطر أنها تعمل على قَدَمٍ وسَاقْ... ولكنها تبخس نفسها حقّها... تعمل بصمت دون "بروباغندا" زائفة، تعمل بمهنية وإنسانية وبمستوى عالي الجودة وبتواضع جمّ جعل إعلام غيرها يتجرأ عليها.فحريٌ بقطر الخروج عن صمتها بتسطير شهادات المغتربين والزائرين بلسانهم ومن فِيْ كلّ نزيه عاش أو عمل في هذا الوطن وخبره ولم نجد من إعلام الغرب ودوله سوى النكران والنكير.قطر إنجازٌ حضاري وإنساني تُرجِم ليس في انبهار من يزورها بها، بل انبهارنا نحن أبناؤها بها عندما نغيب أشهرا قليلة فقط ونعود لنجدها كالفتاة الجميلة في البيت الكريم تزداد جمالا وتفيض عطاء كلما كبرت.هنا يحضرني تعقيب مذيع CBS "Bob Simon" لدى مقابلته لسمو الأمير الوالد في برنامج "60 Minutes" عام 2012: "إن شعبكم يعيش في الجنّة". نعم .... ونضيف عليه: جنّة وارفةٌ لنا ولغيرنا. فحقّ لنا أن نقول ونحن ندخل جنَتنا: "ما شاءَ الله لا قوّةَ إلاَ بالله". اللهم اجعل هذا البلد "قطر" آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.