27 أكتوبر 2025

تسجيل

التربية والثقافة مقياس الفقر والغنى

08 سبتمبر 2015

طرح أحد الناشطين في مجال التواصل الاجتماعي سؤالاً استفزازياً محيراً؛ لقي تفاعلاً من متابعيه وادلى كل من قرأ الأطروحة برأيه حول السؤال عن الفرق بين البلدان الفقيرة والغنية، والتي اجمع فيها المتداخلون أن الفرق لا يعود إلى قدم الدول او إلى مواردها الطبيعية المتوافرة، كما أن اللون والعرق لا تأثير لهما، إنما الفرق يكمن في السلوك والممارسة التي تشكلت وترسخت عبر سنين. لب القضية هي التربية والثقافة، فهما اللتان تميزان بين البشر، فنحن في مجتمعاتنا العربية كثيرا ما نفتقر الى هذا الجانب المهم، وقد أجمع معظم المتداخلين على اننا كمجتمعات عربية فقراء بسبب عيب في سلوكنا. وبسبب عجزنا للتأقلم مع الحضارة الحديثة، وتعلم المبادئ الأساسية التي جعلت وأدت إلى تطور المجتمعات وغناها، بالرغم من ان جميع هذه السلوكيات موجودة في ديننا الاسلامي، لكن للاسف نحن في بلداننا الفقيرة او النامية تلك، لا نتبع السلوكيات المطلوبة، وفقرنا لم يكن أبدا بسبب نقص في موارد بلادنا الذي أنعم الله سبحانه وتعالى بها علينا.. إن بعض البلاد تعلل تأخرها في التنمية بأسباب منها: الحروب، والكوارث الطبيعية، وأحياناً الاستعمار وتوابعه، إلا أن المنطق والشواهد تثبت ان مثل هذه الاوضاع لم تحط من قدر الدول، وانها دليل قوي على أن مثل تلك الأسباب، لا تكون معيقة للنهضة، بل قد تكون دافعاً لها، ومقوية لعزيمة من أصابته، وأول شرط للتقدم يكمن في الثقة بالنفس، والتمسك بالهوية، والتقيد بالمثل والقيم العليا.قال أحدهم: إنه كان مسافراً، وكان الجو يبدو قاتماً، وكان يحاول فتح عينيه ليحظى بأكبر قدر من الرؤية، فخلع نظارته ليريح عينيه بعد عناء لرؤية الطريق، وكانت المفاجأة بأن (الكدر) ليس في الجو، ولكنه في النظارة، هذه الحالة يمر بها كثير من الناس، ولو أن هؤلاء تخلوا عن نظاراتهم لحظة واقتحموا تلك الأمور، لأدركوا وقتها أن (العيب) ليس في تلك الأمور لكنه في نظارات نفوسهم، فهم لو نظفوها لاتضحت لهم كل الأمور على حقيقتها.أذهلت بلدان مثل اليابان، وألمانيا، وفرنسا العالم باستيعابهم معطيات العصر، ومخترعاته، وبتطويعه رغم الحروب والكوارث التي مروا بها، فلم يكونوا مجرد مستهلكين بل هضموا الحضارة بلغتهم، واضافوا لها، وهذا ما نرغبه في وطننا العربي بكامل أجزائه، لأننا نملك مقومات القوة والتقدم وعناصر النهضة والتفوق!! وتتوافر عندنا أسباب العزة والمنعة بما قد لا يتوافر لأمة أخرى، ولكننا أهملنا الأخذ بتلك الأسباب.. إنها دعوة صادقة لأن نتأسى بتلك الدول وتجاربها، ونحزم أمرنا، ونقيم مؤسساتنا المشتركة التي تكون لنا عوناً بعد الله، لنتبوأ المكانة التي تستحقها أمتنا ووطننا العربي.. وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب، والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها.. اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمِدنا بتأييد من عندك وتسديد.