27 أكتوبر 2025

تسجيل

في ذمة الله (أبو أحمد)

08 سبتمبر 2014

لم أكن أعلم ونحن نتوادع كل إلى وجهته لقضاء إجازة الصيف أن يكون هذا الوداع هو اللقاء الأخير بيننا وكان يقول سأكون قبلك في الدوحة إن شاء الله قبل مجيئك في 14 سبتمبر الجاري ولا يعلم -رحمه الله/- أن الأجل المحتوم سيداهمه في حادث اليوم وهو في طريق عودته عن طريق المملكة العربية السعودية وكانت الفاجعة حين تناقل خبر رحيله إلى مثواه الأخير عبر أصدقائه ومحبيه وما أكثرهم أولئك الذين يذكرون له عشرته الطيبة وكرمه وانشراح صدره لكل من يزوره في منزله في مدينة الخور كل يوم /سبت/ حيث يجتمع على الغذاء عنده كل قاص ودان من محبيه، رحل الغالي الأخ الفاضل (محمد بن أحمد الهيل) وترك جرحا لن يندمل لفراقه أبدا فهو الصدر الحنون لكل ذي حاجة يعرف كيف ينفق من خزينة مؤسسة حمد وجاسم بن جبر آل ثاني الخيرية للمحتاجين من الفقراء والمساكين التي ارتبط بها وارتبطت به كمسئول بها يؤمن أصحابها بقدرة /الراحل/ العزيز على إدارة مواردها ومصروفاتها بكل أمانة وإخلاص فهو الأمين المخلص الذي لا يرد طلب أي محتاج مما وثق علاقته بكل صاحب حاجة حتى إنه ينفق عن طيب خاطر من أمواله الخاصة في سبيل الله وقد عرف عنه ذلك من شدة كرمه وعطاءاته السخية، وحفاظا على أموال المؤسسة كأمين عليها فكل المصروفات موثقة في سجلات ودفاتر يقوم على إدارتها محاسبين ومراقبين هو في طليعتهم .سبحان الله، لقد ترجّل (أبو أحمد) عن فرسه باكراً إلا أن ما عند الله خيرٌ وأبقى، لقوله-تعالى- ”وللآخرة خيرٌ لك من الأولى”، ونعم بالله وليس لنا إلا أن نؤمن بالقدر ونقول (إنّا لله وإنا إليه راجعون)، لن يعيد الحزن والدموع شيئا سوى أن هذه هي حال الإنسان فانسكبت الدموع من عَيوْنْنا، ونطق لساننا(إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَي الله، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا أخانا(أبو أحمد) لَمَحْزُونُونَ)، ما كنت أتوقّع أن يأتي اليوم الذي أكتب فيه هذه الكلمات، ولكن اسمح لي أن أقول لك إنك غادرت وطنك وأنت على أمل العودة إليها، وتوفيت وأنت تحمل الأمل لإطعام ومساعدة كل صاحب حاجة وفاقة، وتواصل جهودك في هذا الاتجاه حتى أيامك الأخيرة، فكنت توصي أبناءك وإخوانك بالاهتمام بما تجود به أنفسهم كما عوض عليك بذرية طيبة إن شاء الله -تعالى- حفظهم الله -تعالى- جميعاً، أخي الحبيب غادرتنا على عجل، وإننا لا نحزن لفراق ذاتك دون علمك، بل ربما فاق حزننا لفراق جودك على حزننا لفراق ذاتك، لأنه بفراق ذاتك يخسرك أهل بيتك وأصحابك، لكن بفراق جودك يخسرك أصحاب الحاجة ومجتمعك وأمتك، يخسرك الخير كله، فإنك كنت له حاملاً، ولثروته موزّعاً ومنفقاً، ورحم العطاء هوالذي أنجبك وسوّاك، وهو الرابط بينك وبين محبيك، ويوم القيامة سيرفعك رب درجات، لايفجع الروح ويفطر الفؤاد ويحرق النفس مثل أن تفقد عزيزا، إنه أكثر الأحزان والآلام توغلا في القلب والروح وحتى البدن ،الموت هو نهاية النهايات وغاية الغايات وهادم اللذات، الموت يأخد منا الأحباب و يبعد عنا الأهل والأصحاب دون إنذار، رحمك الله يا أبا أحمد وإلى أن نلقاك في جنان الخلد، فلك مني ألف تحية وسلام من محبّك وصديقك الصدوق وسلامتكم.