16 سبتمبر 2025
تسجيلمن الأمور المقيتة والتي بكل أسف أصبحت متداولة بين الناس وانتشر هشيمها أيضا عبر التقنية وتحديدا من خلال أجهزة الاتصال المتطورة ، و يتم استخدام هذه الأجهزة استخداما خاطئا التنابز بالألقاب والتهكم والسخرية ، وليتهم أطفال لكان الأمر هيناً وقلنا إنهم صغار وغير مدركين، ولكن تجد الرجل طول بعرض "ويمشي على زنده الفيل"، يبعث برسالة أو بالأحرى طرفة سخيفة مفعمة بالتهكم والسخرية وتنم عن جهل مرسلها وإدراكه المحدود ويفترض وضع لوحة إرشادية تفيد بأن الوعي مغلق والعقل تحت الصيانة ، ومن المعلوم ما لهذه الأساليب القبيحة من آثار سلبية تعصف بأواصر المحبة وتفتك بجذور الألفة وتطرح باحترام النفس أرضاً مثيرة بذلك الضغائن والفرقة، ومذكية التنافر بين أبناء الأمة الواحدة إذ تسهم هذه الآفة في تنمية الكُره في النفوس، وقد يستعملها البعض معتقدا بأنها لا تعدو كونها ترفيهاً عن النفس أي ترفيه هذا؟ بل أي سقوط وتمزيق للأخلاق شر ممزق ، وإذا عجز الإنسان عن حماية أخلاقه وصيانتها من الرذيلة فإنه سيصبح صيداً سهلاً للشيطان وبالتالي فإن ضعف الإيمان سيكون جسراً سهلاً لعبور المخالفات تلو المخالفات فيما يعتقد البعض وهو اعتقاد مجانب للصواب بأن هذه المعصية صغيرة، وهذا لعمري من وساوس الشيطان لأن من يستمرئ ارتكاب المعصية الصغيرة فإن الكبيرة في نظره ستصغر وقيل "لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت" وإذا كان تقدير المخاطر وغالبا ما يستخدم هذا المصطلح من قبل الاقتصاديين يتعلق بالاستثمار، فإن الاستثمار الحقيقي مع الله، وتقدير المخاطر في هذا الاستثمار هو الأجدى والأبقى والحياة كلها استثمار، والفطن من يستثمرها بالشكل الصحيح وإذا كان رجال الأعمال والتجار لم يبلغوا ما بلغوه إلا بعد جهد جهيد، وبعدما أضناهم الشقاء والتعب فتجدهم في بداياتهم يهتمون ويحرصون أشد الحرص على المبالغ الصغيرة لتتضاعف وتصبح فيما بعد كبيرة، ونتيجة لهذا الحرص بلغوا ما بلغوا، والاستثمارات المالية تتعرض لهزات، ربما لانخفاض أسعار السلع، أو قلة الطلب وكذلك سوء التقدير، وعدم استشعار المخاطر جيدا والدخول في صفقات لم تتم دراسة جدواها الاقتصادية بشكل سليم، بيد أن الاستثمار الحقيقي في عمل الخير من قول وعمل، وإضافة الرصيد من الحسنات، وكما أن هؤلاء التجار قد بدأوا من الصفر بجمع دقاق المال، فحري بك ان تحرص وتحافظ على حسناتك بل وتساهم في زيادتها لا التفريط فيها وفقدانها الواحدة تلو الأخر ، ولك أن تتخيل الوقع النفسي السيئ على من يصيبه لسانك وقد تدور الدوائر وتكون أنت كبش الفداء كما كنت قد جعلتهم مضغة في فمك، فإذا كنت لا ترغب في أن يساء إليك فلا تبادر بالإساءة للآخرين، وثق بأن الذين أضحكتهم عبر التهكم والسخرية لم يضحكوا لبراعتك في صياغة الطرفة، بل ضحكوا عليك لأنك أصبحت مهرجاً وألعوبة تميل بك الريح كلما "استخفيت دمك" لينفض الاجتماع وتهوى بك الريح إلى حيث أطلقت العنان للسانك، فإن كنت أصبت أحداً فإن الوزر لن يحمله أحد غيرك، وحصاد لسانك لن يكتوي بناره غيرك ، والترفيه عبر الضحك أمر جميل وبقدر مايكون للضحك من آثار إيجابية بقدر مايحمل آثاراً سلبية ، لاسيما إذا كان على صيغة التهكم والسخرية، حينها يكون بلا طعم ولا رائحة، أي منزوع الأدب والدسم معاً، كذلك فإن كثرة الضحك والإفراط فيه سينعكس بشكل سلبي، لأن الشيء إذا تجاوز حده انقلب ضده، فمقدار الطاقة التي ستضخها في هذه الحالة ستضخ مثلها في حالات الحزن، بمعنى أن مضاعفة العطاء تبعاً لاختلال التوازن في هذه الناحية سينسحب على الحالات الأخرى، وهكذا دواليك، فلا إفراط ولا تفريط ، والضحك أمر جميل كما أسلفت بل أن الكل يبحث عنه، وأجمل من هذا وذلك حين يكون للضحك معنى وقيمة، وأعني بذلك أن يكون هادفاً، ومثيراً للتحليل والتأمل وهلم جرا. طرفة اشترى أحدهم سيارة جديدة وبداخلها جهاز كمبيوتر، فلما بلغ مؤشر السرعة 120 كلم، قال الجهاز هدئ السرعة ، فأجابه يالله بس فلما بلغ المؤشر 160 كلم قال الجهاز هدئ السرعة أولادك بانتظارك فقال أنا ماتزوجت وبعدين إنت ماتدري عن غلاء المهور، فلما بلغ المؤشر 180 صاح الجهاز قائلاً أرجوك وقِّف ونزلني