16 سبتمبر 2025

تسجيل

"ستينغر" أفغانستان .. وملحمة حلب

08 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في بشائر أثلجت صدور الذين كانوا يبتهلون لله تعالى بنصر المجاهدين في حلب المحاصرة، أعلن مصدر قبل يوم أمس في جبهة "فتح الشام" لوكالات الأنباء العالمية أن جيش الفتح وفصائل المعارضة السورية المسلحة تمكنا خلال فك حصار حلب من السيطرة على أكثر من عشرين موقعا لقوات النظام النصيري. تابعنا بكل مشاعرنا ما يحصل في حلب، وتفاعلنا مع الأخبار والأحداث هناك، ونحن الذين لا نملك سوى الدعاء الذي بذلناه لأولئك الضعفاء، كنا ننتظر – والعالم معنا - مذبحة تاريخية في حلب الشهباء، لكن المجاهدين قلبوا الطاولة على الدب الروسي والخلايا الصفوية والجيش العلوي، وقد اجتمعوا على حرب إبادة هناك، وفوجئ العالم بأن المجاهدين هناك فكوا الحصار بطريقة مذهلة، وحتى كتابة هذه السطور، مازالت المعارك تدور في مدينة المتنبي وسيف الدولة هناك. وبما تدونه كتب التاريخ: من يريد قراءة الحاضر، فعليه أن يقرأ دروس وعِبَر الماضي جيدا، فهناك الأجوبة والحل لما يحصل اليوم. التفاعل الذي عشناه في سوريا، أعاد للذاكرة تفاعل المجتمعات الخليجية مع الحرب في أفغانستان، وما أشبه الليلة بالبارحة، حيث ثمة خطوط مشتركة بين الحرب هناك وما يحدث اليوم في سوريا، فالأسباب التي دعت وقتها الاتحاد السوفيتي لغزو أفغانستان كانت تتلخص في الوصول للمياه الدافئة ومنابع البترول إبان الحرب الباردة وقتذاك، وهي قريبة من حجة روسيا في الحفاظ على موطئ قدم لها في البحر الأبيض المتوسط، بعد هلاك حليفها القذافي في ليبيا. من الأسباب المهمة التي دعت الاتحاد السوفيتي لدخول أفغانستان: وأد أي حركات للتحرير يمكن أن تنشأ في منطقة آسيا الوسطى التابعة للاتحاد السوفيتي آنذاك، وهي – مرة أخرى - ذات الحجة التي أعلنتها روسيا حال دخولها سوريا، بأنها أتت لمحاربة داعش والفصائل المتطرفة حيث قال نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون مكافحة الإرهاب أوليغ سايرومولوتوف في تصريحات نقلتها وكالة "تاس الروسية" قبل أشهر عديدة:"نحن نتابع ونحلل تصريحات قادة تنظيم داعش المحرضة للقتال بشأن مسألة نقل الجهاد إلى مناطق شمال القوقاز وآسيا الوسطى، هؤلاء المقاتلون لن يجلبوا معهم الإرهاب فقط إذا عادوا بل الأفكار المتطرفة أيضًا، وسيشكلون مصدرًا للأفكار السلبية التي تؤثر في المجتمع، خصوصا على الشباب المؤمن"، معلنًا في الوقت نفسه عن وجود أكثر من 2000 مقاتل روسي يقاتلون في صفوف التنظيم. من الأسباب التي ذكرها المؤرخون التي دعت الاتحاد السوفيتي بالتورط في أفغانستان، مقبرة الغزاة، بما يحلو للأفغان التباهي بهذا الوصف: احتواء الصين والإطاحة بها من جانب الغرب، وكذلك عبور الحاجز النفسي بين الاتحاد السوفيتي والعالم الإسلامي عبر أفغانستان، وتهديد مناطق النفوذ الأمريكي التقليدية في باكستان، وحاجة الاتحاد السوفيتي لاستعادة هيبته العسكرية بعد أن تزعزعت في بولندا، وتحريك الجيش السوفيتي الضخم لامتصاص مشاعر التذمر التي بدأت تظهر على أفراده. ولكن ما الذي حصل لينسحب قطب العالم الثاني وقتها من أفغانستان ويتكبد الخسائر الهائلة، التي أدت لنفوقه بعد ذاك؟! الأسباب عديدة، ولكن من وجهة نظري أن وجود شخصيتين مهمتين آمنا بضرورة دعم المجاهدين الأفغان وقتها ضد الروس، وهما الملك فهد يرحمه الله، وضياء الحق الرئيس الباكستاني الأسبق يرحمه الله، والسبب الثاني كان في صورايخ "ستينغر" الأمريكية، إذ لا يزال «الجمهوريون» يفتخرون في أمريكا بأن قرار الرئيس ريجان بإدخال صواريخ «ستينغر» إلى الميدان الأفغاني، خريف العام 1986، كان السبب المباشر في دفع السوفيات إلى اتخاذ قرار الانسحاب بعد حرب منهكة دامت قرابة 10 سنوات من 1979 - 1988، وخرج الجيش السوفيتي منها يعاني طويلا، حتى انهارت الإمبراطورية السوفيتية عام 1990. وإن وجدنا اليوم في الملك سلمان يحفظه الله والرئيس التركي أردوغان أكبر داعمين للشعب السوري الشقيق، وهو يناضل ضد قاتل شعبه بشار الأسد، فلنأمل تكرار تجربة النجاح الأولى في أفغانستان عبر دعم المجاهدين في سوريا اليوم بمضادات الطيران التي أنهكتهم ببراميلها المتفجرة وقنابلها المروعة، "ستينغر" أفغانستان ستكرر النجاح في سوريا. من أسباب الانسحاب السوفيتي، بما يذكره العسكريون: صلابة المجاهدين وصمودهم لعشر سنوات، إضافة لخسارة السوفيات الكبيرة غير المتوقعة في الجنود والمعدات والتي تقدر ما بين 40 - 50 ألفا. هناك ضعف الحالة الاقتصادية في الاتحاد السوفيتي، مع إنفاق يومي على هذه الحرب بلغ 40 مليون دولار. لا أنسى كذلك سببا مهما يكمن في ضعف ثقة الروس في جنودهم وبخاصة أولئك المنتمون إلى الجمهوريات الإسلامية، إذ كان الأخيرون يهرعون للمجاهدين الأفغان بتسليم أنفسهم لهم، انطلاقا من ديانتهم الإسلامية التي لم تفلح الدعاية والتربية السوفيتية الملحدة في طمسها. تسليح المجاهدين في سوريا بأسلحة نوعية، خصوصا مضادات الطائرات، أولوية بعد جمع كلمتهم، وهي الخطوة الأهم الآن، ويمكن إقناع الأمريكان –الوجلون من استخدمها ضدهم أو حليفتهم إسرائيل - بالتحكم في عدد صواريخ "ستينغر" وصلاحية استخدامها لعام واحد مثلا، وهم أباطرة التكنولوجيا العسكرية، إذ من دونها سيطول أمد الحرب، ولن يستطيع المجاهدون السوريون تكرار ما فعله أسلافهم في أفغانستان. ثمة قاعدة شهيرة لخبراء العسكر، آن وقتها في سوريا: «ادعم الميليشيات بمضادات طيران، وستلقى الجيوش النظامية هزيمة نكراء».