15 سبتمبر 2025

تسجيل

طرح الثقة بالوزير في دولة قطر

08 يوليو 2021

المسؤولية الفردية للوزراء في دولة قطر نصت عليها المادة (123) من الدستور القطري: "رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون بالتضامن أمام الأمير عن تنفيذ السياسة العامة للحكومة، وكل منهم مسؤول مسؤولية فردية أمام الأمير عن أداء واجباته وممارسة صلاحياته". لذلك نجد أن المادة (111) من الدستور نصت صراحة على أن: "كل وزير مسؤول أمام مجلس الشورى عن أعمال وزارته، ولا يجوز طرح الثقة عن الوزير إلا بعد مناقشة استجواب موجه إليه، ويكون طرح الثقة بناء على رغبته أو طلب موقع عليه من خمسة عشر عضواً، ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراره في هذا الشأن قبل عشرة أيام على الأقل من تاريخ تقديم الطلب أو إبداء الرغبة، ويكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ويعتبر الوزير معتزلاً الوزارة من تاريخ قرار سحب الثقة" انتهى. وقد تكتمل هذه المادة بمواد مكملة من اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، ويتضح من نص الدستور القطري أن طرح الثقة بأحد الوزراء لابد وأن يمر بإجراءات معينة تترتب عليها نتائج طرح الثقة في الوزير. لذا، ومن أجل حماية السلطة التنفيذية أحاط الدستور القطري استعمال حق طرح الثقة ببعض القيود والتي لابد أن تأخذ الإجراءات التالية: أولاً: حرص الدستور القطري على أن يعطي لكل عضو في مجلس الشورى الحق في توجيه الاستجواب، وحرصاً من الدستور على الاستقرار الوزاري جعل توجيه الاستجواب مقصوراً على الوزراء (أي لا يجوز توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء). وهذا أيضاً ما استقرت عليه المذكرة التفسيرية، (لذلك نجد أن في دولة قطر لا يستطيع أعضاء مجلس الشورى الإطاحة بالحكومة بشكل عام كما هو مقرر في دساتير بعض الدول). وهذا نهج دستوري وقانوني منطقي، حيث إن الدستور القطري لم يأخذ بمبدأ المسؤولية التضامنية للوزراء أمام مجلس الشورى لأنه قد يؤدي إلى طرح الثقة فيمن وجه إليه الاستجواب، لذلك اقتصر الدستور على توجيه الاستجواب على الوزراء وحدهم، ولا يجوز استجواب رئيس الوزراء الذي قد يؤدي إلى طرح الثقة به ومن ثم الإطاحة بالحكومة. ثانياً: لكي يستفيد الوزير من الفرصة في الدفاع والمهلة المقررة له والتي تصل إلى عشرة أيام كما هو مقرر في نص المادة (110) من الدستور، لا يكون طرح الثقة بالوزير إلا بعد مناقشة استجواب موجه إليه كما جاء بنص المادة (111) من الدستور. ثالثاً: طرح الثقة في الوزير يكون بناء على رغبته بعد مناقشة الاستجواب الموجه إليه أو طلب موقع عليه من خمسة عشر عضواً من المجلس. رابعاً: لكي تتاح للوزير فرصة أطول للدفاع عن نفسه، وكذلك تتاح للمجلس فرصة لمزيد من الروية والتعقل قبل أن يتخذ هذا القرار، اشترط الدستور ألا يصدر قراره في هذا الطلب قبل عشرة أيام على الأقل من تاريخ تقديم الطلب أو إبداء الرغبة. خامساً: نظراً لخطورة هذا القرار اشترط الدستور أن يكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. نلاحظ هنا: أن الدستور اشترط أن يكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس وليس مجرد أغلبية الأعضاء الحاضرين. لذلك.. يكون الدستور قد جعل الغائبين والممتنعين عن التصويت على قرار سحب الثقة يقفون إلى جانب الحكومة من الناحية الواقعية، لأنهم اعترضوا على قرار سحب الثقة. وأخيراً: أثر قرار سحب الثقة من الوزير: إذا استطاع المجلس تخطي كل ما تم بيانه، ومن ثم أصدر قراره بعد كل تلك الإجراءات السالفة البيان، وحسب الأغلبية المحددة بسحب الثقة من الوزير، تقرر المادة (111) من الدستور القطري اعتبار الوزير معتزلاً الوزارة من تاريخ قرار المجلس بسحب الثقة منه، وتوجب على الوزير أن يعتزل عمله فوراً، وذلك استيفاء للشكل الدستوري. وحيث إن أي تصرف يصدر من قبل هذا الوزير بعد صدور قرار عدم الثقة به يُعتبر باطلا بطلانا مطلقا وكأن لم يكن، وذلك بقوة الدستور. لذا.. فاعتبار الوزير معتزلاً لعمله من تاريخ قرار المجلس بسحب الثقة منه لا يغيّر منه استعمال الأمير لحقه في حل المجلس وذلك كما جاء في المادة (104) من الدستور، لأن ذلك سيكون لاحقاً لقرار سحب الثقة الذي صدر فعلاً وانتهى، ومن ثم ترتب عليه جميع الآثار الدستورية والقانونية واللائحية. خبـير قانـوني [email protected]