17 سبتمبر 2025
تسجيلبدلاً من أن ينتج المجتمع نشطاء اجتماعيين في جميع المجالات، عاملين على تطوير المجتمع وزيادة حراكه الاجتماعي، ينتج المجتمع أيقونات اجتماعية، والأيقونة أساساً رمز لاهوتي يختزل المعنى التاريخي الديني للأجيال ويؤبده في ذاكرتهم، مجتمعاتنا العربية والإسلامية ممتلئة من الأيقونات الدينية، لكن الجديد في الأمر أننا أصبحنا ننتج أيقونات اجتماعية، كذلك بسبب النمو الرأسمالي اللا متوازن، والأيقونة الاجتماعية مرحلة تأتي بعد مرحلة المنصب أو بالأحرى التشبع من المنصب الهام حتى الثمالة، لينطلق بعدها صاحب المنصب إلى مرحلة "الأيقنة" أو التحول إلى أيقونة اجتماعية يُتبارك بها في المناسبات والأفراح، خطورة الأيقونة الاجتماعية تتمثل في أنها لم تكن ثمرة عملية إنتاجية بقدر ما هي ثمرة لانزياح الريع وتكدسه، الأيقونة الاجتماعية نراها في المجتمعات الإنتاجية أكثر إنتاجاً ونشاطاً من بقية أفراد المجتمع، في حين نراها في مجتمعات الريع تبتسم للكاميرات وتستجيب للتصوير في المناسبات أكثر من مشاركاتها الاجتماعية الخيرية، تختار الأنظمة أيقوناتها لتلميع صورتها أمام بقية المجتمع، فبعد أعلى المناصب في مجتمعاتنا تأتي مرحلة الأيقونة الاجتماعية المنتجة نظامياً. بودي لو ننتبه إلى نقطة جوهرية وهي أن الوجاهة الاجتماعية في السابق لم تكن مرتبطة بالثروة المادية للشخص قدر ارتباطها بالمكانة الاجتماعية له، ما نراه اليوم العكس تماماً، فأصبحت الثروة هي العامل الوحيد المحدد للوجاهة الاجتماعية إلا في أضيق الحدود، وباختلاقنا لظاهرة الأيقونة الاجتماعية لمرحلة ما بعد المنصب نكون قد طمسنا تماماً مفهوم المكانة الاجتماعية السائد في السابق، خطورة ذلك في تزييف المجتمع، وبالتالي تزييف تاريخه فيما بعد، لذلك نلاحظ دائماً ترتيباً جديداً فيما يسمى بلائحة "الأعيان" حسب ظهور أيقونة واختفاء أخرى، وننسى أن فكرة أعيان المجتمع تقوم على التسلسل التاريخي، وليس على الاختيار القائم على فكرة الأيقونة الاجتماعية التي نصنعها بأيدينا ثم نطلقها في المجتمع ليتمحور حوله هالتها وإشعاعها البراق.