31 أكتوبر 2025
تسجيلإعادة هيكلة سوق العمل ضرورة تبين تقديرات الإحصائيات السكانية للعام 2018 الصادرة عن مؤسسات دولية تزايد عدد السكان في دول التعاون بشكل يفوق النسب الطبيعية وذلك بسبب ارتفاع نسبة الأجانب الذين بلغت نسبتهم 52% من إجمالي عدد السكان البالغين 51 مليون نسمة. بينما يشير تقرير سابق لشركة استشارية إن دول التعاون حصدت واحدا من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم خلال سنوات العقد الماضي إذ كانت أسرع بنحو أربع مرات نمواً من الأسواق الناشئة والولايات المتحدة، وسبع مرات أعلى من الصين. ولكون العمال الأجانب يمثلون نحو 80 – 90% في السكان الأجانب في دول التعاون، فإن ذلك يعني أن مصدر الزيادة السكانية هو استمرار الاعتماد الكبير على العمالة الأجنبية المستمر منذ سبعينات القرن الماضي. فقد ارتفعت أعدادها من نحو مليون عام 1975 إلى 8 ملايين عامل عام 1990 و14 مليون عامل عام 2002 ثم إلى نحو 25 مليون عام 2018، مشكلة نحو 60-70% من مجموع العمالة. ويرى خبراء أن نسبة العمالة الأجنبية في سوق العمل الخليجي لا يمكن أن تواصل النمو بهذه المعدلات دون أن تتعرض الكيانات الاقتصادية والاجتماعية لمشاكل عديدة أبرزها مشكلات البطالة وتذبذب معدلات النمو وتراجع الاستثمار وضعف الإنتاجية الكلية والإنفاق الباهظ على العمالة الأجنبية، وفوق ذلك المشاكل الناجمة عن صعوبة الإدارة الصحيحة لسوق العمل بعد أن تحولت العمالة الأجنبية إلى أداة إغراق اجتماعي ارتبطت بها الكثير من المشاكل كتشجيع القطاعات كثيفة العمالة ذات الأجور المنخفضة والإنتاجية المتدنية. لذلك يتوجب اعتماد سياسات لتطوير الجوانب الاجتماعية المتصلة بنماذج التنمية الاقتصادية بدول المجلس وهي وضع إستراتيجية واضحة للتنمية الاجتماعية وتبني سياسات الماكرو اقتصادية (معدل نمو اقتصادي مستديم ومعدل بطالة منخفض واستقرار الأسعار) وإعادة هيكلة سوق العمل وتعزيز البنية المؤسسية للأنشطة الاقتصادية غير المنظمة ومكافحة الفقر. كما تنطوي عملية إعادة هيكلة سوق العمل على التعامل مع ثلاث تحديات أساسية وهي السبل المختلفة لإعادة هيكلة سوق العمل وثانيا توسيع دور القطاع الخاص في توظيف الأيدي العاملة المحلية وثالثا دور التدريب في إيجاد عمالة ماهرة وموائمة لإعادة هيكلة سوق العمل. إن سوق العمل – كأي سوق آخر- له جانبان: جانب العرض وجانب الطلب. وإن إعادة هيكلة سوق العمل تعني بالتالي اتخاذ إجراءات لتنظيم كلا الجانبين. ففي جانب العرض، تطال الإجراءات التنظيمية تطوير أنظمة ومناهج التعليم وتطوير وتعزيز معاهد التدريب ولاسيما معاهد العلوم التطبيقية، كذلك تنظيم استيراد الأيدي العاملة الأجنبية وتوظيفها والقضاء على ظاهرة العمالة الأجنبية السائبة. وأيضا التعامل مع القضايا الخاصة بزيادة معدلات مساهمة المرأة في العمل ودراسة الأنماط والتقاليد الاجتماعية وتأثيرها على عزوف الشباب عن بعض الوظائف المتوفرة. أما في جانب الطلب، فأن إجراءات التنظيم يجب أن تشمل رفع معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي لخلق المزيد من الوظائف الجديدة وتطوير وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المولدة للوظائف الملائمة للأيدي العاملة الوطنية وليس تلك المولدة للوظائف الرخيصة واتخاذ الإجراءات الضرورية الخاصة برفع كفاءة وإنتاجية العمالة الوطنية ودرجة تدريبها ومهارتها. كذلك اتخاذ الإجراءات الضرورية الخاصة بتحسين أجور ورواتب العمالة الوطنية. إن الهدف من إعادة هيكلة سوق العمل هو خلق انسجام بين جانبي العرض والطلب بحيث يلبي المعروض من الوظائف احتياجات الطلب عليها، وليس كما هو حاصل حاليا حيث إن هناك عرضا من الوظائف ولكن لا يلبي احتياجات الطلب لكون ما هو معروض من الوظائف هو ذو رواتب متدنية أو لأعمال موجهة للعمالة الأجنبية بالأساس.