23 سبتمبر 2025
تسجيللم يكن المؤتمر الذي نظمه مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة بعنوان " حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر ، التاريخ والسيادة "غريباً أن يعقد في تلك الفترة مع الأزمة الخليجية وحصار قطر ، فقد سبقته مؤتمرات تحريضية عبثية أطلقتها دول الحصار الأربع للنيل بقطر وتشويه صورتها أمام المجتمعات الدولية ، وأنفقت عليها أموالاً باهظة بعد فشل تحقيق مطالبها وأهدافها ، لتبدأ معها خوض معركة المؤتمرات التي أصبحت بالنسبة لدول الحصار بمثابة أرضية لمداراة فشلها وإفلاسها، وجنّدت لها مروجون ومتحدثون وحضور ، والتي بدأت بانعقاد ندوة أمريكية في " معهد الدفاع عن الديمقراطيات " في جامعة جورج تاون بواشنطن للتحريض ضد قطر ، ثم مؤتمر المعارضة القطرية في العاصمة البريطانية في لندن ، والمؤتمر الذي عقد في فرنسا بعنوان " قطر وأزمات الشرق الأوسط " وبتمويل من الإمارات ، ومؤتمر" السياسة والأمن الدولي " في ميونيخ الألمانية لفرض الحصار التجاري ، وكشف فيه عن لجوء دول الحصار لفتيات من أوروبا الشرقية لتشويه قطر ، وغيرها من المؤتمرات والندوات لا تخرج محتواها عن إسناد الإرهاب وتمويله على دولة قطر بعد فشل تحقيق مطالبها ، ليأتي هذا المؤتمر الفاشل الذي أعقب فشل الإمارات في ادعاءاتها ضد قطر أمام محكمة العدل الدولية ، والتي لاتخلو من الكذب والافتراءات والتناقض ، دون الاعتبار لواقع مؤلم تم كشفه ميدانيا ورفعه لمحكمة العدل من قبل المتضررين من الحصار وإدلاءاتهم الواقعية خاصة فيما يتعلق بمنع التعاطف الأسرّي ، وطرد الطلبة من جامعاتها. … وكما يقال حدّث العاقل بما يعقل فإن صدق فلا عقل له ، فهل يعقل التصديق أن مؤتمر المنامة عقد من أجل المطالبة بمدينة الزبارة القطرية بعد اعتراف البحرين باعتماد محكمة العدل الدولية في لاهاي حكما يقتضي بأن دولة قطر لها السيادة على الزبارة وجزيرة جنان وفشت الديبل ، بقدر التصديق بأن هذا المؤتمر للتشويش، على ماقدمته قطر من أدلة موثقّة ضد الإمارات ، وتجنب الخسائر والعقوبات المتوقعة التي ستفرضها محكمة العدل الدولية عليها ، وإلا لماذا اخترقت البحرين جدار الصمت لتعلن بعد أكثر من 18 عاما على صدور الحكم وترحيب الطرفين وتجاوز الخلاف ، بقولها إن الزبارة تابعة للبحرين كما صرّحت به لتصبّ الزيت على النار ، وتنبش الملفات التاريخية التي أغلقت مع صدور الحكم عام 2001م ، والذي اعترفت بها البحرين في حينها ، وتخلق الفتن والعداوات بين الشعبين اللذْين يربط بينهما وحدة النسب والقبيلة والأخوة !! فهل نحتاج اليوم ودوّل الخليج تمر في أزمة خلافية سياسية حادّة خلقتها دول الحصار الأربع بمراهقاتها السياسية الجاهلة بفتح ملفات عدائية أخرى لاطائل منها ولاجمل للمساس بالسيادة القطرية ، كما هي أهداف دول الحصار الجائرة ، ومحاولة التأثير على الشعوب بنبش أوراقها التاريخية وزرع فتيل القبلية وفتح باب الفتنة واستغلال فرصة تضامن دول الحصار الرباعي ضد دولة قطر من أجل حقوق وهمية لاوجود لها. …. لقدجاء ملف الزبارة مع توقيت انعقاد محكمة العدل الدولية في لاهاي للنظر في الشكوى المقدمة من قطر لإحدى دول الحصار وهي الإمارات لإلهاء الرأي العام سواء الداخلي أو الخارجي عن القرارات المتوقع صدورها ، وحيث إن الدعوة القطرية قدمت بالأدلة والبراهين المدعومة من المنظمات الحقوقية الدولية. الأمر الذي يشير إلى أن الحكم المتوقع صدوره لاحقاً يسير في صالح دولة قطر ، كان من الأجدى على البحرين أن تدرك خطورة تلك اللعبة الفاشلة التي يمكن أن تؤدي إلى امتداد حبل العدواة ، واتساع بؤرة الفتن بين شعوب المنطقة ، وتعميق الفجوة بين الأسرة الواحدة، وترك الأخطبوط الإعلامي المعادّي يأخذ مجراه في فكر وعقل أبناء المنطقة كما يحدث الآن . نحن لسنا بحاجة إلى صراعات وهزائم سياسية وأخلاقية أخرى ، كفانا ماحصل ومايحصل ، فإذا خسرت دول الحصار الجائرة مكانتها السياسية بين المجتمعات الدولية لكثرة الافتراءات والأكاذيب التي صبت لهيبها على دولة قطر وأميرها ، ليس معنى ذلك البحث عن مشاكل وإرهاصات أخرى لفتح ملفات جديدة ، نخشى أن يأتي اليوم الذي نقول للبحرين "وعلى نفسها جنت براقش " بسبب أنها استخدمت كأداة لشريكاتها في الحصار الجائر على قطر ، فهناك أولويات داخلية تحتاج إلى إصلاح من عقول واعيّة مدبرّة لتعيش الشعوب في أمان واستقرار ، وهناك دول غربية وأقليمية تتربص للدخول من ثغرة الخلافات الناجمة في دولنا الخليجية لتغذية مصالحها الاقتصادية والمذهبية والسياسية ، فهل تستوعب البحرين هذا الدرس. اتركوا السياسة الهوجاء جانبا وابحثوا عن مصلحة شعوبكم ، ولا تحمّلوا الأجيال القادمة إرهاصاتكم السياسية واستحضار التاريخ لتأليبها، وتأجيج الفتن بينها ، فإنها تحتاج إلى استقرار وأمان لإدارة عجلة التنمية لحياة معيشية أفضل.