13 سبتمبر 2025
تسجيلبحضور ممثلي الدول المؤسسة للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية البالغ عددها 57 دولة، تمت هذا الأسبوع في بكين مراسم التوقيع على الاتفاقية الخاصة بتأسيس البنك برأسمال قدره خمسون مليار دولار أمريكي ترتفع في العام المقبل إلى مائة مليار، ومن المقرر أن يبدأ البنك نشاطه في نهاية هذا العام، ومن بين أهم مؤسسيه دولة الهند التي تعد ثاني أكبر المساهمين بالإضافة إلى كل من قطر والكويت والإمارات ومصر من الدول العربية..... وتتمثل المهمة الأساسية للبنك الجديد في تعزير التنمية والتعاون الاقتصادي الأقليمي في آسيا من خلال توفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية والمجالات الإنتاجية لبلدان القارة الآسيوية.هذا ويعد بنك الاستثمار الآسيوي واحداً من أربعة مؤسسات تعتزم الصين تأسيسها، وهو الأمر الذي دعا بعض الخبراء إلى القول بأن بكين تحاول خلق نظام مالي جديد قادر على أن تنافس مؤسساته المستحدثة تلك المؤسسات المالية الغربية التقليدية الكبرى التي تهيمن عليها وعلى قراراتها الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة لاحتفاظها بنسبة مساهمة عالية في رأس المال ومن ثم تمتعها بنسبة تصويت مرتفعة، كما هو الحال في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذا بنك التنمية الآسيوي الذي تأسس في عام 1966 ويضم في عضويته 67 عضواً ومن بين أهدافه "النظرية " تخفيف حدة الفقر في الدول الآسيوية رغم افتقاره إلى أداء هذا الدور، وهو الشيء الذي يمكن أن يقوم به بنك الاستثمار الصيني الجديد على وجه أفضل.ونتيجة لتخوف بعض القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية من تنامي وتصاعد الدور الاقتصادي الصيني إقليمياً وعالمياً ومحاولتها فرض نظام مالي جديد تحظى فيه بأهمية أكبر، فقد عمدت هذه القوى إلى انتقاد بنك الاستثمار الجديد وأكدت على أنه سوف يهوى سريعاً تحت ضغط شروط وقيود المقترضين، وأنه سوف يسمح بنشر الفساد في ظل التجاهل المتعمد من الصين لمعايير الإقراض الدولية وتدعيم بعض المشروعات التي من شأنها تعزيز المصالح السياسية والعسكرية الصينية.ورغم هذه الانتقادات فقد أصرت بريطانيا أن تكون عضواً مؤسساً ببنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية تحت قيادة الصين، كما أعلنت كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا عن انضمامهم لعضوية البنك الجديد، وهم من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية، وذلك رغم الضغوط الشديدة التي مارستها عليهما الولايات المتحدة الأمريكية.ولقد مثل انضمام هذه الدول الغربية المهمة لعضوية البنك الوليد صفعه للإدارة الأميركية التي حاولت إبعاد حليفاتها عن المشاركة بالبنك الجديد، الذي ستعزز به الصين من نفوذها الاقتصادي الآسيوي والعالمي، وحاولت الإدارة الأمريكية حثيثاً إقناع هذه الدول الغربية بأن تأثيرها على أنشطة البنك يمكن أن يكون أكبر إذا ظلت خارجه وزادت من حدود ومستويات إقراضها، إلا أنها لم توفق في مساعيها، وانضمت بالفعل أربعة دول من الدول السبعة الكبار وهي بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا إلى عضوية البنك الصيني الآسيوي.وهو الأمر الذي أغضب الإدارة الأمريكية التي أعلنت أنه كان على بريطانيا التشاور معها قبل الانضمام إلى عضوية البنك الجديد، وإن كانت تتفهم محاولة البريطانيين لتدعيم علاقاتهم الاقتصادية والتجارية مع الصين لجذب المزيد من الاستثمارات الصينية إليهم، وأن هذه الخطوة لن تكسر شوكة الصفوف الغربية.... إلا أن أحد المسؤولين البريطانيين قد علق على التصريحات الأمريكية بأنها لا تعبر سوى عن حالة العجز، وأن هذه الإدارة لا تستطيع مثلنا الانضمام لعضوية البنك الصيني حتى لو كانت لديها الرغبة في ذلك، لأنه يتعين عليها في هذه الحالة الحصول على موافقة الكونجرس الذي يهيمن على الأغلبية فيه الحزب الجمهوري المعارض.هذا وقد أكد العديد من الخبراء على أن حرص هذه الدول الغربية المتقدمة والدول الخليجية الغنية على الانضمام لعضوية بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية إنما يعكس دعم هذه الدول لجهود الصين في القيام بدور أكبر في عملية إعادة بناء الاقتصاد العالمي وخلق نظام مالي عالمي جديد يقوم على فكرة المنافسة بين المؤسسات المالية العالمية من أجل تقديم خدمات أفضل وأكثر عدلاً وإنصافاً للدول الفقير والنامية.مع تأكيد هؤلاء الخبراء على أن البنك الجديد سوف يقدم خدماته "في فترة تالية" لكل الدول النامية ولن تقتصر خدماته على الدول الآسيوية فقط "على عكس ما هو مرتبط باسمه" ودليلهم في ذلك أنه قام بفتح باب عضويته لجميع دول العالم، كما أكد هؤلاء الخبراء على أن الفرص والمزايا الأكبر ستكون في صالح الدول المؤسسة التي انضمت إلى عضوية البنك خلال فترة تأسيسه.... أما عن الموقف الأمريكي تجاه هذا البنك ومؤسسيه والدول الغربية المنضمة إليه، فهذا ما سوف نتناوله بالدراسة والتحليل في العدد المقبل.