17 سبتمبر 2025
تسجيلأيام ويهل علينا شهر رمضان المبارك، الذي نأمل أن تتفتح فيه القلوب بين الناس وتزال من النفوس كل الشوائب والتراكمات التي تجمعت طوال العام، فإذا كنا في هذا الوقت نستعد للشهر الكريم بتنظيف البيوت وتجهيزها لاستقبال شهر رمضان بما لذ وطاب من الطعام والأواني الجديدة، بل والملابس خاصة بالنسبة للمرأة التي تجهز لكل يوم ثوباً جديداً، وهذا ما تفعله بعض السيدات. فالأولى بنا أن ننظف ونطهر نفوسنا وحياتنا من كل ما قد علق بها من تراكمات الحقد والحسد والضغينة والغيرة من البعض، بالإضافة إلى تطهير ألسنتنا من القيل والقال، سواء بالحسن الذي قد تشوه بالسيئ أو السيئ، وقد نظن أننا نزينه بالحسن، والابتعاد عن أكل فاكهة المجالس والغيبة والنميمة وبجانبهما الفتنة وإطلاق الشائعات بغرض الإساءة وإثارة الخصومة والكراهية. إن شهر رمضان يأتي كل عام ولكن نحن قد لا نكون موجودين نحيي نهاره ونقوم ليله، وإذا ما أطال الله عمرنا وشهدنا هذا الشهر، نحمد الله تعالى على ذلك، ونحاول أن يكون شهر عبادة وقيام، وتوبة لما بعد هذا الشهر ومعاهدة الله عز وجل ألا نعود إلى ما كنا عليه قبله من سلوكيات لا ترضي الله تعالى ولا رسوله. إن الشياطين المردة تصفد في هذا الشهر، ولكن تظل شياطين الإنس التي شحنتها الشياطين من قبل موجودة تنشر الفساد وتثير الغرائز في هذا الشهر، فقد عكفوا منذ نهاية رمضان الماضي على وضع المسلسلات الفاسدة التي تتحدث عن الأوبئة النفسية والمحرمات وتمارسها بالشهر الكريم، وكأنها قد أوكلت إليها مهمة إفساد الصائم وعدم منحه الفرصة للتوبة، بالإضافة إلى عدم تقبل الله تعالى لصيامه لأنه أفسده بمشاهدة هذه القاذورات التي لا تبرز إلا في هذا الشهر المبارك، ونسي أو تناسى هؤلاء الشياطين العذاب الذي يحل على من يفسد الناس ويثير الغرائز فلا يوجد مسلسل ـ إلا ما رحم ربي ـ يتناول موضوعاً تربوياً هادفاً، وإنْ كان في بعض المسلسلات هذه المواضيع فإنها تضيع وسط تلك الأكوام من القاذورات. وللأسف نجد من يقول: سوف أتابع هذه المسلسلات حتى صلاة الفجر ثم أنام، ونسي أن هذا الشهر للعبادة وقراءة القرآن حتى الفجر وليس لإفساد القلوب والعيون، وبالتالي إبطال الصوم. إن واجب الأسرة توعية أبنائها، خاصة من هم في سن المراهقة والشباب بأن يغضوا البصر في هذا الشهر عن كل ما قد يفسد صيامهم وقيامهم ويكثروا من عبادة الله عز وجل من خلال محاولة ختم القرآن وتدبر معانيه ومحاولة حفظ أجزاء منه، خاصة الشباب الذكور الذين ـ للأسف ـ نرى غالبيتهم بعد صلاة التراويح، يتسكعون في المجمعات والأسواق، والبعض ـ أعاذنا الله منهم ـ لا يؤدون الصلاة وهمهم الوحيد السهر والطعام في السهرات والفنادق والخيم الرمضانية، وكأن شهر رمضان فرصة للمرح والترفيه عن النفس بما لذ وطاب من شراب وطعام وأغان. ولابد من مواجهة تلك الشياطين الإنسية التي امتلأت نفسها شروراً على البشر وتريد إفساده ونشر الفساد، خاصة في هذا الشهر، والعتب كله على قنواتنا الفضائية التي تبث هذه المسلسلات الفاسدة للذوق والأخلاق وتشتريها بأغلى الأثمان. وسقى الله أيام رمضان في الماضي حيث لا أغاني ولا مسلسلات إلا المسلسلات التوعوية والدينية ولا سهرات في الفنادق، ولا مجال لمشاهدة الأفلام في السينما حيث تتجلى أنوار رمضان طوال الشهر، وتمتلئ النفوس هدوءاً وسكينة وتتوجه القلوب إلى خالقها تتدبر آياته وتقرأ قرآنه وتسهر في مناجاة ودعاء من القلب لأن يتقبل صيامها وقيامها. ونأمل ولو عادت تلك الأيام ـ ولو في بعض مظاهرها ـ حتى نعيش الشهر بعيدا عن الأسواق والمجمعات والمسلسلات التي تجمع الأسرة، ويكثر خلالها القيل والقال. ورمضان على الأبواب، نستقبله ـ إن شاء الله ـ بكل الحب والشوق والأمل بتقبل صيامنا وقيامنا والوعد ألا نعود لما كنا عليه من قبل.