13 سبتمبر 2025

تسجيل

ليتهم خلّوها على طمام المرحوم !

08 يونيو 2021

هنالك مثل مشهور عند أهل الجزيرة العربية يُقال إذا عمل أحدٌ عملاً لم يوفق فيه قالوا له هذا المثل (ليتك خليته على طمام المرحوم) يعني ليتك لم تغير فيه شيئاً عما كان عليه في السابق، وبعضهم يقول مسبقاً (خله على طمام المرحوم) أو خليناه على طمام المرحوم. وهذا المثل تحكي قصته عن رجل وامرأته يجلسان بجوار النار في منزلهما فدخل عليهما أحد زوارهما وربما كان ممن يقرب لهما، وبعد ان جلسوا يتناولون القهوة ويستدفئون بالنار لاحظ الزوج انكشاف بعض ما يستر من المرأة فأراد تنبيهها بالملقاط إذ لا يوجد بجواره سواه، لكن قبل ذلك أراد صرف النظر عنها من هذا الزائر فبدأ يصرف نظره ناحية السقف ويقول له انظر إلى السقف كان المرحوم قد عمله كذا وكذا، وغيرناه عن طمام المرحوم بما تراه، وأثناء التحديق لمسها بالملقاط الحار رجاء انتباهها لنفسها واستتارها، لكن يبدو ان الملقاط الحار فاجأها فصدر منها ما يخجل، فقال الزائر (ليتك تركته على طمام المرحوم) يعني ليتك لم تحاول اصلاح الوضع الذي رأيته من امرأتك بما هو أسوأ منه ! ذكرت هذه القصة لأربطها بما يحدث عندنا من تغيّرات في العادات والتقاليد وصورة المجتمع بشكل عام، فعلى مستوى العادات والتقاليد لاحظنا في سنواتنا الأخيرة ما يُعتبر دخيلاً علينا من ناحية المظهر العام للنساء كاللباس وإظهار المفاتن والتزين المفرط والملفت للنظر وارتداء العباية النسائية كموضة وليس كستر للمرأة وإظهار مفاتنها من خلف هذه العباية " غير الساترة "، ناهيك عن إظهار الشعر ووضع الحجاب كمنظر جمالي يكشف نصف الشعر ويخفي نصفه الآخر، مناظر لم نعتدها في السابق أبداً بل كانت المرأة في التسعينيات وما قبلها لا تكاد ترى منها شيئاً ومن المعيب أن تخرج من بيتها إلا لضرورة قصوى، انظروا لما يحدث لبعض لبناتنا الآن فلا تكاد تذهب لمجمع ولا لمطعم ولا مقهى إلا وتراهن يُزاحمن الشباب بأزياء وزينة ملفتة للنظر، فأين هم الآباء والأمهات والأخوة مما يحدث ؟ أيُعقل أن يرضوا عليهن أن تنهشهن سهام عيون الرجال؟ أم أنها هذه الحرية التي يتشدّق بها من يظنها في نزع الحشمة والحياء من نفوس بناتنا ؟ !! ولعل ما يُدمي القلب عندما تشاهد الأب أو الأم أو الأخ يُرافق ابنته أو ابنتها أو أخته في مكان عام وهي في كامل زينتها بلا احتشام ولا حياء، فأين هي الغيرة والحرص على الستر والحشمة الذي ينبغي أن يكون نتاج التربية والنشأة الصالحة؟! هذه الشواهد لا شك بأن انتشارها له وقعه الخطير على المجتمع، فما من مجتمع تهاون في هذه الأمور الحساسة اللي ابتلاه الله بالفساد وعمّت فيها كل الظواهر السلبية بعدما كان مجتمعاً محافظاً وصالحاً يُضرب فيه المثل في تمسكه بعاداته وتقاليده الأصيلة، ونحن هنا لا نعمم طبعاً فالمجتمع لا زال فيه الخير الكثير ونماذج يُحتذى بها ولكن النار عندما تستعر لا تعرف الأخضر من اليابس والتفاحة الفاسدة تُفسد ما جاورها من تفاح ! وعندما تحدث قضية رأي عام كتحرش أو اعتداء جنسي تقوم قائمة المجتمع ويُلقى كل اللوم على المتحرش أو منفذ حادثة الاعتداء ويتغافل أو يتجاهل جذر المشكلة وهو عدم متابعة الأهل وعلمهم بكل تفاصيل حياة ابنتهم وما تفعله ومن هن صديقاتها وأين تذهب، هذه التفاصيل هي التي تصون هذه الدرّة المصونة وتحميها من كل نفس شريرة وتحسّسها في نفس الوقت بأن هنالك عيونا وقلوبا تحميها من أي حدث سوء قد يحدث لها ! نحن أحوج ما نكون له كأفراد ومجتمع بأن نحافظ على بناتنا وأبنائنا من أي محاولة لتحررها وإبعادها عن سترها وعفافها الذي هو رأس مالها في هذه الدنيا ومصدر سعادتها عندما تدخل لحياتها الزوجية لأنها حافظت على نفسها والتزمت بتربيتها وأخلاقيات مجتمعها المحافظ الرافض لكل أشكال تغيير جوهره من خلال ضربه بعادات دخيلة عليه الهدف منه تشويه صورة المرأة وجرّها لنزع ثوب الستر والعفاف! فلا نريد أن ينطبق علينا المثل بعد فوات الأوان ونقول " ليتنا خليناها على طمام المرحوم " وبقينا كما كنّا في السابق بعيدين عن الحداثة والتطور التي جلبت لنا التحرر من عاداتنا وتقاليدنا النقية !! فاصلة أخيرة العيب ليس فيما نراه من مظاهر سلبية لا تمثّل طبيعة مجتمعنا، ولكن العيب عندما يُعاب على من يُطالب باتخاذ قرارات رادعة ضد هذه الظاهر الدخيلة ويوصف بأنه رجعي ومتخلّف !!. ‏[email protected]