26 أكتوبر 2025
تسجيلالأمانة التي أبت الجبال والأرض أن يحملنها، وحملها الإنسان، المقصود بها ما ائتمن الله عباده عليه من طاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه، فالتزموا بالعهد. قال الله تعالى: "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا".والأطفال هم جزء من هذه الأمانة كونهم من أوصى الله تعالى بهم ونبه بالحرص على رعايتهم، سواء كانوا بيننا أو من اليتامى، فرعايتهم جزء من هذه الطاعة له عز وجل.فالأطفال يحتاجون إلى الحنان والعطف من جانب والديهم أكثر أحيانا من الطعام والشراب، اللذين للأسف يحرص عليهما الأبوان ويعتقدان أنهما الأهم، فمتى توافرت الحلويات والأطعمة السريعة واللعب بأشكالها المختلفة للأطفال فلا تحمل الأم أو الأب هما.فالأولى مشغولة في عملها صباحا حتى وإن كانت لا تحتاج إلى هذا العمل، والأب غارق في عمله صباحا، ومساء مع أصدقائه ومشاغله الأخرى، وأطفاله هم آخر همه!! المهم أن يوفر لهم كل ما يحتاجونه من مادة، وقد يتعطف عليهم مرة في السنة ليرافقهم في رحلة خارجية للترفيه وليس فرصة للجلوس معهم ومتابعة أخبارهم ومناقشتهم في مشاكلهم.لقد ألهتنا تلك المشاغل عن أطفالنا وبعدنا عنهم فمجرد أن تنتهي الأم من فترة الوضع والرضاعة فإنها تحول مسؤولية الطفل إلى المربية التي جهزتها من قبل الولادة، وتبدأ في مواصلة حياتها الخاصة، وبينها وبين السؤال عن طفلها هاتف المربية "اشلون فلان أكل، شرب، نام" تعود للبيت والطفل في سبات في غرفته الخاصة مع المربية.وآآآآآآآآه من هذه المربية التي قد تكون ممن لا يراعين الله تعالى في رعايتهن للطفل أو ممن يردن إفراغ عقدهن التي تركنها في بلادهن، فتجد الواحدة منهن تعنف الطفل بل قد تتجرأ وتضربه، وقد يصل الأمر إلى أسوأ من ذلك وهذا ما أبرزه الواقع في كثير من الحوادث التي تقوم بها المربيات أو الخادمات، بل قد يصل الأمر إلى السائقين الذين نراهم أمام المدارس يسحبون الأطفال بشكل عنيف بلا أدنى رحمة، ناهيك عن التصرفات السيئة التي قد يسيئون بها للأطفال.وللأسف يتغافل الأبوان ذلك أحياناً بحجة أن هؤلاء يعملون عندهم منذ سنوات وهم أكثر حرصاً على الأطفال ولا خوف منهم!قد تضطر الأم إلى العمل وتخرج صباحا وتعود إلى البيت منهكة ومتعبة ولكن لابد أن تدرك أن هناك في البيت من ينتظرها ليغرف من حنانها الذي حرم منه ساعات طوالا ويحتاج إلى ضمة إلى صدرها، تبعث في نفسه الأمان والطمأنينة وأن من أنجبته لم تتركه حتى ولو انفصل عنها بقطع الحبل السري، فينشأ مطمئن البال مرتاحا نفسيا لا يعاني عقداً ولا انفعالات قد تضره كثيراً في تعامله مع الغير وتظل معه حتى يكبر وتتشكل شخصيته على ذلك.إن أطفالنا يتجاذبهم الكثير من المخاطر بدءًا مما تحتويه بيوتنا من خدم، ومن قنوات تبث الغث قبل السمين لهم وتدس السم في الدسم من خلال برامج أطفال يقبلون عليها ويرددون أغانيها، ناهيك عن تلك الأجهزة الإلكترونية التي بدأت تغزو أيادي أطفالنا الذين قد لا تصل أعمارهم إلى أكثر من سنة، وكل ذلك أمور مدمرة لا ندرك خطورتها للأسف إلا بعد فوات الأوان.فلنحاول حمل الأمانة بكل أمانة وصدق حتى لا نعض أصابع الندم بعد ما يفوت الفوت ولا ينفع الصوت.