15 سبتمبر 2025
تسجيلهكذا الحياة تمضي كما شاء لها الخالق سبحانه ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وخلال رحلتنا فيها قد نُبتلى بفراق قريب أو صديق بلا سابق إنذار، تبقى ذكراهم تتردد في مخيلتنا إلى أن تطويها الأيام والأحداث، إلا أن البعض منهم يستعصي على النسيان وذلك لأثره الطيب الغائر في نفوس من عرفه أو تعامل معه فضلًا عن الأقرباء والأصحاب، ومن أؤلئك الذين رحلوا عن عالمنا السيد الوجيه محمد بن خليفة السادة، صاحب الخلق الرفيع، والوجه البشوش، طيب المعشر، ولين الجانب، ولطيف الكلام، كان رحمه الله سهلًا سمحًا ومدرسةً في الأخلاق والكرم والشهامة والعطاء والإحسان في السر والعلن. لقد ودعنا بالأمس رجل من رجالات الدولة الذين ساهموا في بناء نهضتها على أكثر من صعيد، وذلك منذ تخرجه من بريطانيا قبطانًا بحريًّا في سبعينيات القرن الماضي. كنت حينها في نهاية المرحلة المتوسطة، وقد اصطحبني والده رحمة الله عليه إلى مطار الدوحة لاستقباله بعد أن أنهى دراسته الجامعية، وما بين استقباله في المطار ووداعه بالأمس إلى مثواه الأخير شريط من الذكريات التي تأخذ بشغاف القلب ألمًا بفراقه ووحشةً بغيبته عن عالمنا، وكأنه قنديل قد انطفأ في ليلةٍ دهماء. رحل عن عالمنا صاحب الأيادي البيضاء ذلك الشهم الذي لا يكل ولا يمل ولا يتذمر من السعي لقضاء حوائج الناس بكل حب ومودة، حيث يصدق عليه قول الشاعر: ما قال لا قطُّ إلاّ في تَشَهُّدِهِ لَوْلا التّشَهّد كانَتْ لاءهُ نَعَم قضى بوخليفة معظم حياته العملية في وزارة المواصلات والنقل وأسس خلال تلك الفترة العديد من الشركات المساهمة في مجالات مختلفة منها مجال النقل البحري والمواد الأولية والمستلزمات الطبية وغيرها مما لا يتسع المجال لذكره، كما موّل من المشاريع الخيرية في الداخل والخارج ما الله به عليم، وكان حتى أيامه الأخيرة واصلًا لأقربائه وأصدقائه، ورغم ما يعانيه من آلام إلا أنه كان حاضراً في مجلسه أيام عيد الفطر ويستقبل الناس بصدر رحب متجاسرًا على آلامه. اللهم ارحمه وتجاوز عنه وتقبله في الصالحين وأنزله منزلة الشهداء واحشره مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.