10 سبتمبر 2025
تسجيل«أنا مسلم» عبارةٌ نسمعها كثيرًا في الآونة الأخيرة من عمّال وموظفين على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، وهي عبارة تُبشّر بالخير، وتُدخل السرور إلى القلب، ولله الحمد، ولكنّ استغلال هذه العبارة وتوظيفها في سياق لا يعكس حقيقة الأخلاق الإسلامية، هو تحدٍ خطير، لا بُدّ من الوقوف عنده، والتوعية بشأنه من قبل المتخصصين، عبر القنوات التي تصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس، ومخاطبة من لم تتسن لهم الظروف فرصة التعرف على أهمية أداء الأمانة والالتزام بالعمل، والتحلي بالمسؤولية الأخلاقية، أثناء تأدية العمل. وبالطبع لا يمكن اختزال هذه القضية في تصرفات فردية، وهي إشكالية أكبر وأكثر عمقًا من سلوكيات مهنية وعمالية، إلا أنها مؤشر على سيرورة مجتمعاتنا، فإذا كان صيت اليابان قد ذيع بالأخلاق المجتمعية، فإن الصورة الإسلامية للأخلاق المجتمعية هي مسؤولية مشتركة، ليكون الإنسان المُسلم نموذجاً يُحتذى به في كلّ موقع، وكلّ مناسبة، ولا سيّما في بيئة العمل المتنوعة التي تضمّ ثقافات مختلفة، سواء كان صاحب عمل، أو أجيرا، أو موظفا، او مديرا، أو عاملا بسيطا، بحيث يعتنق فكرة إتقان العمل كقيمة أخلاقية، وفي هذا ورد الحديث النبوي الشريف:(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). هذه العبارة ترددت على لسان عامل صيانة، كان من المفترض أن يُنجز عمله الذي اتخذ عليه أجراً حسب الاتفاق، وألا يترك أنابيب المياه تسرحُ في المنزل بسبب خطئه في تأدية العمل، وعند مساءلته عمّا قام به، كان جوابه: «أنا مُسلم وصائم» و كان «البقشيش» كفيلا بأن يدفعه ليُنجز العمل المطلوب وأن يُصبح عمله أكثر اتقانًا. في موقف آخر عند إحدى محطات تزود المركبات بالوقود، يستلم العامل مبلغًا من المال، دون أن يردّ بقية المبلغ، وعند سؤاله عن المبلغ المتبقي يُجيب «أنا مُسلم»، وغيرها الكثير من الأمثلة اليومية التي يتخذها البعض عُذرًا لممارسات لا تمتّ إلى الأخلاق الإسلامية بصلة، تمامًا كالموظف الذي يغيب لمدّة ساعة بذريعة الصلاة، فيما يقوم زميله المسلم بمهامه، أو كالمتحدث والمُغرّد الذي يغطي هشاشة أفكاره بجدل ديني. «أنا مسلم»عندما تقولها أو تكتبها، تشعر بمسؤولية جمّة، وأمانة في الأعناق، لأنها مرتبطة بمكارم الأخلاق. المجتمع يتحمّل مسؤولية تثقيف المُسلمين لا إفسادهم باسم الدين على اعتبار أنهم «مساكين».