13 سبتمبر 2025
تسجيلالتأمَ الملتقى الإعلامي العربي – في نسخته السادسة عشرة – بالكويت يومي 21-22 أبريل 2019، حيث ناقش إعلاميون وأكاديميون قضايا إعلامية مُعاصرة. ولقد اختلفت هذه الدورة عن سابقاتها، كونها أشركت الإعلاميين الشباب، الذين تحدثوا عن تجاربهم في مجال الإعلام. ولقد افتتح المؤتمر سعادة السيد محمد الجبري وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب، بكلمة أكد فيها على ضرورة الاستثمار في مجال صناعة الإعلام، وخلق أجيال قادرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية. وأشاد سعادته بأهمية إعداد الكوادر التي تمتلك المقومات والمهارات اللازمة للعمل الإعلامي. وكان السيد ماضي الخميس، الأمين العام للملتقى قد ألقى كلمة باسم الملتقى ركَّز فيها على دور الشباب في تحمل مسؤولية الإعلام، وأن الملتقى سوف يعالج التراجع والارتباك الحاصل في مجال الإعلام، مشددًا على أهمية حماية المجتمع، وضرورة تلقيه أطروحات إعلامية تحميه وتبنيه وتقيه. وكان الملتقى قد استضاف سلطنة عمان كضيف شرف، وهذه سُنة حميدة، تساهم في التقارب الإعلامي العربي، وتفتح الآفاق لمعرفة تجارب الدول العربية في مجال الإعلام، حيث تحدث متخصصون عمانيون حول التجربة العمانية في ( أنسنة) الإعلام! حيث قالت الإعلامية الشابة ( دعاء الوردية ): إن سلطنة عمان تشكل أرضية مشتركة لتحاور جميع الأطراف، في حين عملت وزارة الإعلام على أنسنة الإعلام من خلال إنتاج خطاب إنساني وقضايا ذات بُعد إنساني تسلط الضوء على قضايا الإنسان وكيفية التوصل إلى حلول لتلك القضايا. ولفتت النظر إلى أنه ضمن برنامج أنسنة الإعلام، قبول الآخر، والتركيز على قضايا المجتمع وحفظ التراث. وكان السيد نبيل أبو ردينة، نائب رئيس الوزراء وزير الإعلام الفلسطيني ضمن المتداخلين، حيث أكد رفض القيادة الفلسطينية للمؤامرة التي تتعرض لها الأمة العربية، ومحاولات إبعاد الصفة العربية عن المقدسات الإسلامية في القدس، وقال: إن الحكومة الفلسطينية ستتحرك على جميع الجبهات العربية والدولية للدفاع عن حقوقنا، ولن نسمح لمؤامرة ( صفقة القرن) أن تمر، كما أننا لا نقبل أمريكا وسيطاً وحيداً، دون شركاء من العرب والدوليين، مشيراً إلى أن ( صفقة القرن) تعتبر القدس خارج العملية السياسية، لأنه دون القدس لا دولة فلسطينية ولا سلام ولا استقرار ولا أمن، ولن نقبل بالتوطين ولا اقتطاع أي جزء من الأراضي العربية. موضوع ( التنمّر) الإعلامي كان حاضراً في الملتقى، واحتل مساحة كبيرة من النقاش، والغريب أن حالات (التنمّر) تأتي من النساء ضد النساء، وليس من الرجال ضد النساء، وهذا ما اعترفت به مشاركات في الملتقى. ولقد ذكر السيد رامي الرضوان، أنه من خلال بيانات الأمم المتحدة، ثبت ذلك، وحذر من حالات (التنمّر) في وسائل الاتصال الاجتماعي، والذي قد يؤدي إلى حالات انتحار. و(التنمّر) هو قيام المرسل بتقمص دور (النمر) في تعامله مع القضايا التي تُطرح في وسائل التواصل. وناقش المجتمعون الشعرة الدقيقة بين الحرية الفردية و(التنمّر)، الذي يجرح حُريات الآخرين، ويبث الكراهية بين المنتدين في وسائل التواصل الاجتماعي. وكان ضمن الحلول التي طُرحت لمواجهة ( التنمّر) هو التجاهل!؟ وهو أمر نسبي، فالبعض لا يسمح لأحدهم بالتعديّ على حياته الخاصة، أو التزوير، أو القذف، مهما كان سببُ (المُتنمّر)، وتبدو ظاهرة ( التنمّر) أكثر وضوحاً بين الفنانات والإعلاميات. وفي الجلسة الرابعة تحدث وزير الإعلام العماني الدكتور عبدالمنعم الحسني مؤكداً أن " كل شخص على الأرض ممكن أن يُصبح إعلامياً، وعلينا العمل كأفراد لتقييم أنفسنا بشكل يومي، ماذا قدّمنا، وأن نتماسك بشكل مُنظم. وهذا كلام دقيق جداً، إذ أنه من المُلاحظ أن المتواصلين – عبر وسائل التواصل – ينتمون إلى بيئات مختلفة، وبعضها متخلفة، ويدخلون في مواضيع ليست من اختصاصهم، أو ضمن ثقافتهم، وهنا يقع المحظور، ويحصل ( التنمّر) الذي عالجهُ الملتقى. فشخص ليس له علاقة بالإعلام، يدخل في قضايا إعلامية يتناولها متخصصون وأكاديميون، المهم أن يقول: أنا هنا !؟ تماماً كما هو الحال مع " فاتنة" جسدياً بعيدة كل البعد عن الرواية، تدخل عالم الرواية اعتماداً على " قوامها وحسنها" فقط، وهي لا تدرك أبعاد الرواية ! لذلك، فإن ما قاله وزير الإعلام العماني نصيحة لكل متواصل، وهو أن يُقيم ذاته، ويراجع – كل يوم – ما أرسله عبر وسائل التواصل، وبذلك نستطيع " تهذيب" التواصل، ونحدُّ من تغوّل ( التنمّر)! بقي موضوع واحد حول الملتقى، وهو تلك الحفاوة التي قوبلنا بها، وجهود كل المشاركين من وزارة الإعلام الكويتية، والذين يقابلونك بابتسامات متواصلة، ويؤثرون أوقاتهم، من أجل أن تكون مشاركتك في الملتقى ناجحة ونافعة. هكذا الكويت دائما، إيجابية، ومُنتجة، وفعّالة في مجال الإعلام والسياسة والفن والتواصل والديمقراطية أيضاً. وبمناسبة الحديث عن الديمقراطية، بودي لو فكّر زميلنا ( النوخذا) ماضي الخميس، الأمين العام للمنتدى لنسخة العام المقبل، أن يكون ضمن العناوين ( دمقرطة الإعلام)، وهو موضوع مهم، ويحتاج إلى نقاش، لأن التغوّل والانحياز والكذب والاجتراء من متلازمات الإعلام العربي، وجدير بنا مناقشة هذا الموضوع. والموضوع الآخر هو الدراما! هل ساهمت الدراما العربية في تنمية الوعي، أم أنها روّجت للبكائيات والحزن على " اللبن المسكوب"! سعدتُ جداً بحضور الملتقى، والتقيت بزملاء من الإعلاميين الخليجيين، ضحكنا كثيراً، تناقشنا كثيراً، مع كل إعلاميي الخليج، وهذا يُثبت أن حصار دولة قطر، لن يمنع شعوب الخليج من الالتقاء والتحاور والسؤال عن الأهل هنا وهناك. شكراً لدولة الكويت، مركز العمل الإنساني، وشُكراً لزميلنا الأخ ماضي الخميس، الذي جمع الإعلاميين العرب بروح صافية وحبّابة.