17 سبتمبر 2025
تسجيلأمام ما نراه من استهتار وتسيب يمارسه بعض الشباب ضارباً عرض الحائط بتعليمات وتحذيرات الدولة بضرورة الالتزام بالحجر الصحي والجلوس في البيت كحل ضروري ولابد منه لتجاوز كارثة وباء كورونا المنتشر، تعود بي الذاكرة إلى بداية قصة التعليم في بلادنا، وكيف أحدثت المدرسة نوعاً من الضبط والالتزام في المجتمع بوجود ذلك الجيل القديم الملتزم أصلاً، لكن كانت تعوزه وسائل التوصيل المجتمعي كما تبدو اليوم، ومع ذلك ليس هناك خيار آخر للطالب إما الحضور مؤدياً الواجبات أو التغيب متعذرا بشرب "العشرج" أو المرض، وفي بعض الأحيان يبعث بطالب آخر لإحضار المتغيب من بيته نظراً لقرابته أو صلته الحميمة به ومعاقبته، إذا شك في مرضه، أخذت المدرسة دور الأب أو ولي الأمر، لقد سلم الآباء أبناءهم طائعين فرحين تسليماً غير مشروط للمدرسة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ قطر، وأعني بداية الستينيات من القرن الماضي. "لك اللحم ولنا العظم" هذه العبارة سمعتها مراراً وتكراراً من العديد من الآباء القطريين في حينه، حتى أن سلطة المدرس تعدت جدار المدرسة إلى المجتمع والمحيط حولها، عندما يصل إلى علم الأستاذ أنك قمت بفعل مشين أو سيء خارج الدوام المدرسي، كانت المدرسة النظامية وعياً جديداً لذلك الجيل، خاصة في ضواحي مدينة الدوحة الهادئة نظراً لصرامة قوانينها ورغبة المجتمع الشديدة في تعليم أبنائهم، اختلفت المدرسة عن رحابة المجلس والحرية المتاحة فيه، بنظامها وقوانينها وبغربة جنسيات أساتذتها عن وعي الطلبة في حينه، شكل دخول المدرسة نظاماً من الضبط وكذلك نفسية جديدة لدى شباب ذلك الزمان من الطلبة وتحدياً عليهم التعامل معه بشكل لم يعهدوه سواء في مجالسهم أو في عامة الفريج المتجانس والمتقارب بشكل تلقائي، فكان الحديث دائماً عن المدرس الطيب، والطبيب البارع والمهندس الماهر والمدرس الشديد الذي يجلب الخوف ويدخل الرعب بمجرد دخوله الفصل. نحتاج العودة إلى فكرة الضبط الاجتماعي بين الأسرة من جهة والدولة من جهة أخرى كما كان ذلك شائعاً في نظامنا التعليمي في بداياته. [email protected]