09 سبتمبر 2025

تسجيل

وداعاً فيجيان

08 أبريل 2018

بكى فيجيان بشيء من الحرقه والألم بعد أن تسلم تذكرة الرجعة الأخيرة مغادراً الدوحة ومتوجهاً إلى بلاده الهند، بعد أن قضى هنا قرابة الأربعين عاما، نصفها معنا، يعود إلى بلاده وقد بلغ من الكبر عتيا، نودعه كما استقبلناه بالحفاوة والكرم وشيء من الحزن لانتهاء العِشرة؛ فقد يفتقد هو وجوده في دوحة الخير والرزق الوفير ورغد العيش، وقد نفتقد نحن خدمة سائق أخلص في عمله! ولكن لا بد لعجلة الحياة أن تسير، سيتواجد لدينا البديل وسيرتاح فيجيان بعد مشوار العمل الطويل، نكرمه ونودعه لتبقى ذكرى سنوات العمل معنا شاهدة على أخلاقنا وحسن تعاملنا، ومن خلال هذا الموقف تحضرني بعض القصص الحقيقية لحسن تعامل بعض أهل قطر مع مخدوميهم.   • مواطنة قطرية تستقدم خادمة آسيوية لرعايتها ومساعدتها للقيام بواجبات المنزل، تمر الأشهر والسنون على هذا الحال ولا تغادر الخادمة إلى بلدها إلا كل سنتين وأحيانًا أكثر من ذلك، رغبة منها وطواعية في ملازمة مخدومتها، وتتكون بينهما علاقة إنسانية رائعة، يقضيان كل الوقت معًا ويتشابهان إلى حد كبير في ظروف المعيشة من مأكل ومشرب وملبس، الخادمة قمة في التفاني والإخلاص والمخدومة أروع في التعامل والعشرة. تمر الشهور والسنون ويكبران معًا وتشيخ المخدومة وتعتل صحة الخادمة، وتقرّر إنهاء العلاقة الرائعة والعودة إلى الوطن البعيد لقضاء ما تبقى من العمر هناك، ترفض المخدومة قبول الفراق وتستقدم خادمة من نفس بلد الخادمة الوفية لتقوم على رعايتها لما تبقّى لها من العمر هنا في قطر الخير، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا!. إلى أن فاضت روح الخادمة الوفيّة بقرب مخدومتها الأوفى. القصة الثانية: "راتب جوي" تستقدم أسرة قطرية شابًا آسيويًا للعمل طباخًا ويبدع ذلك الشاب "جوي" في عمله أكثر من 25 عامًا، يصاب بعدها بالسرطان، تتكفل الأسرة بعلاجه في بلده الأم ويعود للعمل مرة أخرى، جاعلاً جميل الأسرة نصب عينيه. يداهمه المرض بشدة مرة أخرى وينصح الأطباء بتوقفه عن العمل، يعود "جوي" إلى بلاده مرة أخرى ويتوفاه الله بين أسرته التي يعيلها من عمله في قطر، وتقرّر الأسرة استمرار صرف راتب جوي لأسرته!. قصتان من قصص القطريين الكثيرة في وفائهم وإخلاصهم لخدمهم المخلصين، وأقول للبعض لا تشوهوا هذه الصورة بسوء معاملة الخدم، فحسن معاملتهم من قيم ديننا الحنيف، والمصطفى صلى الله عليه وسلم قدوتنا الحسنة من خلال تعامله مع الخدم، إن التعايش السلمي بين البشر من أخلاقيات المجتمع القطري لا ينكرها إلا جاحد. القصتان ليستا إلا نقطة في بحر من قصص الوفاء والعشرة الطيبة التي يمتاز بها معظم القطريين، ولا أنكر وجود شذوذ لهذه القاعدة بين الخدم والمخدومين، أدعو الله لهم بالهداية. آخر الكلام الجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ [email protected]