11 سبتمبر 2025
تسجيللقد ذكرنا، في مقال الأسبوع الماضي، أن الظبياني بدأ يتحرش بعمان للحصول على مسندم، ولكنه قوبل برد عماني جعله يطلب الوساطة من السيسي لتهدئة الوضع. وقلنا إن الظبياني رجع إلى مخططه الأصلي وهو محاولة القضاء على قطر في سبيل القضاء على السعودية. وعرف الظبياني أن محاولة القضاء على قطر يتطلب فصلها عن ثلاث قوى وهي أمريكا وإيران وتركيا. حاول الظبياني عمل ذلك ولكنه في كل محاولة فشل فشلاً ذريعاً. وقلنا إن الخساسة البحرينية وصلت حدها ففي الوقت الذي كانت تخطط فيه مع الظبياني لدمار قطر، تأتي لطلب المساعدة المالية من قطر. وكان نجاح قطر في تخليص الرهائن القطريين من العراق، والإجلاء الآمن للمواطنين السوريين، من مثيرات الغضب لدى الظبياني. وتكلمنا عن قمة الرياض 2017 التي نهب فيها الرئيس الأمريكي خيرات الشعب السعودي والإماراتي. حاولت الإمارات والسعودية، في فترة سابقة، جر قطر لدفع أي مبلغ للرئيس الأمريكي، ولكن سمو الأمير المفدى رفض. جاء جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه، إلى قطر يطلب قرضا بمبلغ 500 مليون دولار ليدعم به شركاته المتعثرة. ولسوء حظه، ولحسن حظ قطر، أن اللي قابله هو سعادة وزير المالية، والذي له باع طويل في العمل البنكي وحساب المجازفة. فما كان من سعادة وزير المالية، بارك الله فيه في الدنيا والآخرة على ما قام به، إلا أن أرجع له أوراقه بالرفض. جن جنون كوشنير وذهب باكياً مستنجداً بالرئيس الأمريكي على الرفض الذي قابله من الجهات الرسمية في قطر. وعندما شاهد الرئيس الأمريكي صهره يتباكى نسي ما قاله في خطابه في مؤتمر الرياض 2017، الذي أكد فيه أن "دولة قطر شريك استراتيجي في الحرب على الإرهاب". وأن "دور قطر مهم في تعزيز الأمن بالمنطقة والعالم". فبدأ يتهم قطر بأنها ممول رئيسي للإرهاب في العالم. وكانت هذه هي كلمة السر التي كان ينتظرها الظبياني وشلته لبدء تنفيذ مخططهم على قطر. فتم في البداية، في ليلة 23/5/2017، اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، وقام المخترقون ببث تصريحات نسبت لسمو الأمير المفدى، وهو براء منها، وهم يرونها انتقادا لما أسموه المشاعر المعادية لإيران، وجماعة الإخوان المسلمين. وبدأ الإعلام الإماراتي والسعودي شن حملة مغرضة، كان قد أعد لها مسبقاً منذ شهور، للنيل من قطر. شخصياً، وحسب رأيي الخاص، فإنني أرى أن ما وضع على لسان سمو الأمير المفدى وتداولته قنوات الإمارات والسعودية هي حقائق. فمثلاً نسب لسموه القول "ليس من الحكمة التصعيد مع إيران، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها، وهو ما تحرص عليه قطر من أجل استقرار الدول المجاورة". وأعتقد أن الذي ينكر أن إيران قوة كبرى، وينكر أن التعاون معها أفضل من معاداتها، هو غبي بدرجة امتياز. والقول المنسوب لسموه أيضاً "لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب، لأنه صنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله". وهذه أيضاً حقيقة لأن دول العالم جميعها قد أقرت أن الذي يحق له تصنيف أي جهة كإرهابية من عدمه هي الأمم المتحدة فقط، وحتى يوم الحصار لم تكن جماعة الإخوان المسلمين، ولا حماس، على قوائم الإرهاب في الأمم المتحدة. وطالب سموه، كما ورد في الكلام المنسوب إليه، كلا من مصر والإمارات بـ"مراجعة موقفهم المناهض لقطر ووقف سيل الحملات والاتهامات المتكررة التي لا تخدم العلاقات والمصالح المشتركة". وأعتقد أن ما نسب لسمو الأمير هو مطلب عملي وعقلاني لتصفية النفوس، وتطييب العلاقات بين الأفراد والدول، مما يدفع العلاقات للأمام. ومن الكلام المنسوب لسمو الأمير المفدى القول بأن "قطر لا تتدخل بشؤون أي دولة، مهما حرمت شعبها من حريته وحقوقه" وهذا الأمر معروف عن قطر من قديم الزمان فهي لا تتدخل فيما لا يعنيها، وأما ما حدث في مصر، على سبيل المثال لا الحصر، فكانت قناة الجزيرة، وهي قناة إخبارية عالمية، تعمل بمهنية عالية، تنقل الخبر كما هو حاصل، بل وتأتي بمن يؤيد وبمن يعارض. ومما نسب إلى أميرنا المفدى "أن قاعدة العديد مع أنها تمثل حصانة لقطر من أطماع بعض الدول المجاورة، إلا أنها هي الفرصة الوحيدة لأمريكا لامتلاك النفوذ العسكري بالمنطقة". وهذه الفقرة حقيقة، وبخاصة أن القاعدة هي من ممتلكات دولة قطر وهي التي دعت الأمريكان في السابق، وتركيا وفرنسا لاحقاً، للاستفادة من الإمكانيات المتوفرة حماية لها من الدول المجاورة. وكلمة المجاورة تشمل الكل سواء ممن يطلق عليهم "أشقاؤها" أو من غيرهم. هذا ما نقلته الوكالات المغرضة على لسان سمو أميرنا المفدى. ومع ما جاء به من حقائق، من وجهة نظري، إلا أن دولة قطر سارعت بعد اختراق وكالة الأنباء، بأقل من ساعة، بنفي كافة الادعاءات، ودعت وسائل الإعلام إلى تجاهلها. وفي 24/5/2017 أعلنت وكالة الأنباء القطرية قرصنة حسابها على تويتر وأنها ستقوم بملاحقة ومقاضاة من قام بهذه الجريمة الإلكترونية. وتقدمت عدة دول عربية وأجنبية بطلب المشاركة بالتحقيق في الاختراق. طلبت دولة قطر من أمريكا إرسال محققين من مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) ليباشر في التحقيق لمعرفة الجهات التي قامت بالاختراق. وفعلاً وصل الفريق في 26/5/2017 وباشر أعماله. وقبل إنجاز مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقاته، قامت الإمارات، بتاريخ 5/6/2017، وسحبت معها السعودية والبحرين ومصر، بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وبدء حصارها، وطلبت من الدبلوماسيين القطريين المغادرة، وأغلقت كافة المجالات والمنافذ الجوية والبرية والبحرية مع قطر. وهذا يدل على أن الموضوع قائم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة، وأن الأمر برمته مستند "على نوايا مبيته للإضرار بقطر وشعبها". قامت دول الحصار، وقبل بدء الحصار، بتجهيز قواتها للهجوم على قطر عن طريق المناورات المشتركة فيما بينهم، وكان الهجوم مقرراً له أن يكون في الثلاثة أيام الأولى من الحصار. علمت قطر بهذه التحركات فطلبت من تركيا تفعيل الاتفاقية العسكرية التي تم التوقيع عليها في 2014. قرر الرئيس التركي، في 6/6/2017 إرسال 5 آلاف جندي تركي بكامل معداتهم وعتادهم إلى قطر لحمايتها من أي مغامرة متهورة قد يقوم بها من يسمون "أشقاؤها" (صادق البرلمان التركي على ذلك في 7/6/2017). وفي 9/6/2017 قررت باكستان، حسب المصادر التركية، أن ترسل 20 ألف جندي، للتمركز في قطر، وأن هذا القرار مبني على أساس الاتفاقية العسكرية بين أنقرة وإسلام أباد (لم تصل القوات الباكستانية والمعتقد أنه تم بأمر من دولة قطر). وكانت قطر، في فترة سابقة، قد قامت بالتوقيع على اتفاقية التعاون الدفاعي مع إيران ومع فرنسا، ولا ننسى اتفاقية الدفاع ضد أي عدوان خارجي على قطر والذي تم توقيعه مع الحكومة الأمريكية كشرط لاستخدام قاعدة العديد. تفاجأت دول الحصار بهذه الإجراءات السريعة التي قامت بها دولة قطر وحلفاؤها، فعدلت عن الهجوم عليها، وبخاصة أنه لو دخلت تركيا في حرب معها، فهذا يعني دخول حلف الناتو معها. أي دخول جميع دول أوروبا في الحرب بجانب قطر. وفي 17/7/2017 توصل فريق التحقيق الأمريكي أن اختراق موقع الوكالة كان قد تم من قبل الإمارات، وأن مناقشة الاختراق كان قد بدأ، بين كبار مسؤولي حكومة الإمارات، بتاريخ 23/5/2017. وفي الختام نقول إنه مع أن قطر نفت كافة الاتهامات التي وجهت إليها إلا أن دول الحصار استمرت في غيها ولم تلتفت إلى ذلك. وبعد حوالي ثلاثة أسابيع من بدء الحصار، ومع خروج قائمة الـ 13 مطلباً التي من الواجب أن تقوم بها قطر قبل رفع الحصار، عرفنا أن دول الحصار لا تريد حلاً، ولكنها تريد وضع قطر تحت وصايتها لنهب خيراتها من جهة، ولإقصائها عن لعب أي دور سيادي على أرضها من جهة أخرى. وبدلاً من مشاعر العداء مع دول الحصار إلا أن قطر رحبت بالتدخل الكويتي مصرحة بأنها مستعدة للحوار. والله من وراء القصد ،،