13 سبتمبر 2025

تسجيل

الأحمر ليس عنوانا يمنيا فقط

08 أبريل 2016

يمثل تعيين الفريق علي محسن الأحمر نائبا للرئيس اليمنى، عنوانا لتغييرات حقيقية في تقديرات المواقف وطبيعة العلاقات في الإقليم، لا على صعيد الحالة اليمنية فقط. يمكن قول الكثير عن المغازي ودلالات يمنية، بل عن الخلفيات والمناورات المتوقعة عند اتخاذ قرار بتعيين رجل في وزن ومكانة الأحمر، نائبا للرئيس عبد ربه منصور هادي، غير أن الأمر يتخطى الدلالات اليمنية ويمثل عنوانا مهما على الصعيد الإقليمي، إذ لم يكن ممكنا صدور مثل هذا القرار إلا وفق رؤية أو تقدير ونماذج في الرأي بين القيادة اليمنية والدول الإقليمية الرئيسية التي لعبت وتلعب دورا رئيسيا في دعم الشرعية اليمنية -وبعضها كان يقف ضد الأحمر- كما أن القرار يقضي بتعيين الرجل أو القائد العسكري الذي وقف مساندا للثورة اليمنية، أو الذي رفض الانصياع لقرار القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية -المخلوع علي صالح- حين خرج هذا القرار عن عقيدة الجيش اليمني وثوابت الأمن اليمني وصار قرارا يخدم المصلحة الشخصية المباشرة لصالح، وذلك مضمون بالغ الأهمية.ويمكن قراءة الأهم في الدلالات الإقليمية لمثل هذا الحدث، من فهم طبيعة مواقف وتحيزات المسؤول اليمني الذي حل محله الأحمر، إذ كان نائب الرئيس اليمني السابق -الذي أصبح مستشارا للرئيس- محسوبا على رؤية إقليمية تقف بالمرصاد لثورات الربيع العربي في كل الدول لا في اليمن وحده، حتى يمكن القول بأننا أمام التصحيح الثاني للمسار، إذ كان الأول قد جرى بإعلان عدم التفاوض مع صالح، وها هو التغيير الثاني الذي يقصي من كان قريبا إلى مواقف أطراف إقليمية كانت تقف بالمرصاد للثورات وللقادة الذين دعموها.هذه العناوين للدلالات الإقليمية تضيف للمنظور اليمني لقرار تعيين الأحمر أبعادا واسعة، إذ نحن أمام إثبات وتأكيد عملي على أن من وقفوا في خندق الثورات هم من يستطيعون فرض إرادة الشعوب ومواجهة الثورات المضادة، فالأحمر يأتي لشغل هذا الموقع، في لحظة حسم الموقف نهائيا من الانقلاب على الشرعية، بتحرير صنعاء حربا أو تفاوضا دون هدر الوقت.وذلك لا يعني أن الدلالات اليمنية بسيطة أو لا وزن لها، إذ نحن أمام تغييرات كبرى على صعيد القوى السياسية التي تتصدر المشهد السياسي -بديلا لفكرة حكم التكنوقراط- ونحن أمام مشهد سياسي وعسكري حصل على اندفاعة مهمة في اتجاه حسم قضية الانقلاب اعتمادا على زخم شعبي يمثله الأحمر، وأمام إشارات قوية تؤكد الانتباه الحادث في دوائر صنع القرار اليمنية والإقليمية لمسؤولية بعض الأطراف في السلطة -وعلى الصعيد الإقليمي- فيما جرى ويجري لتعز المحاصرة التي طالما جرت أحاديث عن موقف سياسي يعرقل وصول السلاح إلى المقاومة تحت عنوان القلق من اللون السياسي لبعض قادتها، بل يمكن توقع انطلاق حملة واسعة وعميقة تقتلع الانقلابيين من تعز وتنهي حصارها وتعلن انتصارها ما بعد تعيين الأحمر. والأمر هنا لا يتعلق بالشخص، بل يتعلق ويرتبط بموازنات سياسية ومجتمعية يمثل الأحمر رمزية لحضورها الفاعل بعد إقصاء أو رفض سابق.وكل ذلك يضيف على الأحمر عبئا بعد عبء، ويعلق كثيرا من الأمور في رقبته، كما أنه يشكل امتحانا للثورة اليمنية وللتيارات السياسية اليمنية التي شاركت في الثورة ولعبت الدور الأكبر في إسقاط المخلوع وفي مواجهة الانقلاب والانقلابيين، خاصة أن تعيين الأحمر أعاد الأمور إلى وضعية الموازنات والتحالفات السياسية، إذ الرجل صاحب رؤية سياسية معلومة للجميع.