16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); (1)بحثت عنها في القواميس، فوجدت لها تسعة أوجه من المعاني، تتفرع إلى عشرات المفردات.ما يهمني حقيقة هو معرفة معناها اللغوي المُستخدم والدارج. مفردة التطرف، تعني فيما تعني تجاوز الاعتدال، ولا تسألني عن حد الاعتدال، لأنه نسبي، قد يختلف من مجتمع إلى آخر.هناك قيم سائدة، وهناك متغيرات بيئية وثقافية وحضارية وسياسية ودينية، تجعل من الفعل المتشابه عاديا في زمن، وقد يكون موغلا في التطرف في زمن آخر!.(2)تطرف فكري، سلوكي، ثقافي، ديني، يعني فيما يعني التعصب والجمود والانغلاق.هو تعصب.. تشدد.. غلو في الرأي، فليس هناك مجال لسماع الآخر فضلا عن القبول برأيه!.هو عنف وخشونة وجلافة في التعامل مع أصحاب الآراء المخالفة أيا كانت، وهنا لا أتكلم عن الصواب والخطأ في الرأي، فتلك أيضا مسألة نسبية مادامت لا تمسّ الثوابت.حتى التطرف في حد ذاته درجات، فمنه ما يكتفي صاحبه بسوء الظن بالآخر، ترتفع درجته إلى حد رفضهم، وقد تتطور إلى استباحة دماء الآخرين؟!استباحة الدم ليست بأهون من استباحة الدين والمعتقد والفكر والقيم والأخلاق، بل قد تكون أكثر بشاعة؟!البعض يختار طريق السلامة ويعتزل؟!(3)التطرف الفكري هو تجاوز الحدود المعقولة في الأفكار، ومثله الثقافي إذا تجاوز حد محبة شخص ما لثقافة ما إلى محاولة فرضها على الآخرين بالقوة!البعض يظن أن التطرف الديني يُلبس صاحبه سمتا معينا في الشكل واللباس، كلحية طويلة مبالغ فيها، أو كثوب قصير جدا لا يستر حتى عورة صاحبه!.من جانب آخر، فإن العريّ في اللباس وصولا إلى التفسّخ، هو من التطرف في المظهر لدى فئات أخرى، تتعمّد أن تتطرف في استخدام حريتها إلى درجة إيذاء الآخرين وتعمّد استفزازهم؟!(4)لك الحق في أن تتديّن، وأن تلتزم بالدين كما تشاء، لكن بالتأكيد ليس من حقّك مصادرة حرية الآخر، كما ليس من حقّك أن تفرض على المجتمع أسلوبا واحدا للحياة.تريد للجميع أن يرى الحلال والحرام بعينك أنت، لا بعين الاختلاف والسعة في الدين، التي ترفض إكراه أيا كان في اعتناق أي دين، فضلا عن إلزامه بالحلال والحرام.ترفض الوصاية من أي كان على عقول فئات من البشر، يدخلها الجنة، ويزج بها في النار، لأنه يرى نفسه القائم بمقام منفذ أوامر الله تعالى في الأرض!الإسلام وسِع الجميع، فلا يضره من يكفر ومن يُسلم، ولا يضره من يتعبّد طوال عمره، ومن يعصي الله في سرائره.كل ذلك متروك بين العبد وربه، بشرط ألا يتجاوز ذلك حدود الإنسان بينه وبين نفسه، فإن وصل إلى حد المجاهرة بالمعصية، والسعي لنشر الفواحش بين الناس بحجة حرية السلوك، فهنا نقول له قف عند حدك، لأن هذا تطرف في استغلال الحرية الفردية، حيث تعدت إلى إيذاء الناس.(5)لك الحق في أن تعتنق الثقافة التي تريد، كما لك الحق في ممارسة ما تريد من سلوك، فليس للبشر حق محاسبتك على فعلك، وهذا أمر بينك وبين الله تعالى.يخطئ بعض الليبراليين والمثقفين آخر (موديل)، عندما يظنون أن الليبرالية تعني التحرر من كل شيء.يخطئ من يظن بأن الليبرالية تعني أن لك الحرية في أن تفعل ما تشاء، دون أي اعتبار للمكان والزمان والبيئة والأعراف والقيم.لا يمكن أن تنكر على أي متدين غلوه وتشدده في اعتناق الأفكار والمبادئ، بينما أنت تمارسها في الجهة المضادة!(6)كما تحدثنا في المقدمة عن الاعتدال، فإننا نقول بأن أهل مكة أدرى بشعابها. من يعيش في مجتمعاتنا لا يمكن أن يقول بأنني سأفعل ما أريد لأن لي الحرية، دون النظر لمبادئ وقيم ودين وهوية المجتمع.من يتجاوز ويسيء إلى الاعتدال في استخدام الحرية، فقد نحى نحو التطرف المؤذي والمستفز لخروج تطرف مضاد، يتحول المجتمع بعدها إلى صفيح ساخن من الصدامات والمواجهات التي لن تنتهي!.كل ذلك سيتوقف وينتهي، لو عرف كل امرئ قدر نفسه وقدر حريته، واحترم حقوق الآخر.كل ذلك سوف ينتهي، لو وضع كل واحد فينا حريته في إطار من المسؤولية الفردية والمجتمعية الراقية، التي تحترم الآخر، وتفعل ما تريد دون استفزاز له، مع أعلى درجات الحساسية في عدم إيذائه.ديننا نبراس لنا في كل شيء، علمنا تلك التفاصيل بحذافيرها، لكننا للأسف، بتنا منظومات مجتمعية تصدّر التطرف في كل شيء، في الالتزام وحتى في الانحلال والتفسخ!.المتدين لدينا متطرف، والليبرالي لدينا أكثر تطرفا.. وبينهما ضاعت كل حدود الاعتدال واحترام الذوق العام.. ما هكذا تورد إبل حرية الاعتقاد يا قوم!.