23 سبتمبر 2025

تسجيل

ومضة حاصرونا.. فأتى كورونا

08 مارس 2020

حين تجهز الدول إمكانياتها المادية والبشرية والصحية والبحثية لمواجهة التهديد الناشئ عن فيروس كورونا ومعرفة مصدره، واتخاذ الإجراءات الأولية لمحاصرته، وعزل القادمين من الدول الأكثر انتشاراً درءاً للوقاية والحد من امتداده، فهذا حصار محمود يتقبله العقل والمنطق، لمصلحة الإنسانية وتقليل عدد الإصابات والوفيات، ومع ذلك كسر الفيروس "كورونا " هذا الحصار وبدأ الانتشار بصورة أوسع، ليبدأ الحصار للدول الموبوءة في التنقل منها وإليها، إجراء مفروض ومحتوم، صناعة إنسانية أو قدر إلهي. في النهاية هي إرادة الله للانتباه والاعتبار، لا نملك إزاءها لاحول ولا قوة إلا الدعاء والوقاية.. …. لكن أن يمر ألف يوم على حصار قطر الجائر من الدول الثلاث، وما زالت الحلول معلقة مكانك قف، وما زال مبدأ الحوار والمصالحة في طي النسيان، وقيود وإغلال الحصار مصفدة، فهذا حصار مذموم ومنكر، فكم هو مؤلم، ألف يوم ونيف رقم لا يستهان به لم يحدث مسبقاً في التاريخ، حين ينقطع حبل الروابط الأسرية بقرارات فردية، وحين يطوع الإنسان فكره في البحث عن كيفية الكيد بأخيه، وحين يكرِّس جهده بالبحث عن كلمات تسيئ للآخر من رحمه، وحين تعج منصات التواصل بأساليب الفتن والترويج الكاذب والتجييش ضد الآخر،وتكون مادة للنشر والتسابق وزرع الضغينة والحقد بين أبناء يجمع بينهم روابط الدين واللغة والدم، وحين يكون بيت الله في ميزان الخلافات السياسية وليست العقائدية الدينية. ألف يوم وما زالت ذكرى خطة غزو قطر المبيتة لا تنسى.. مرسومة في ذاكرتنا قطر بإنسانها ومقدراتها وغازها وبترولها وقنواتنا، خطة مبيتة مدروسة بجميع جوانبها، لكننا نؤمن بإن لكل شئ نهاية، وستنقشع الغمة مهما طال حبلها. الحياة ابتلاءات من الله ولصالح الإنسان، لسنا خيراً ممن سبقونا من الأمم البائدة ومن الأنبياء والرسل، وأصناف الابتلاءات التي تعرضوا لها، حصار بني هاشم ثلاث سنوات في شعب بني عامر نموذج لحصار ديني اجتماعي اقتصادي. صدمة الحصار خلقت أبعاداً ثقافية ووطنية داخل الوطن لحمة، انتماء وقوة، كما خلقت إنساناً آخر يعمل، يبتكر، يجتهد، يخطط من أجل مقاومة الحصار وكسر قيوده، ومن أجل تفعيل الاكتفاء الذاتي بالاعتماد على الذات، أليس كما ذكر سبحانه وتعالى { ❁ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ❁ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ❁ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. …. صدمة كورونا قوبلت بحصر المتضررين والدول الموبوءة، لتطويق انتشارها وخلقت رعباً وخوفاً وقلقاص وتحذيراً من المصافحة والتجمعات والفعاليات، فانحسر الاقتصاد وشلت المصانع وأغلقت المطارات أمام الدول الموبوءة، مما سببه هذا الفيروس المتناهي في الصغر من تداعيات سلبية جسدية وأخلاقية على البشر، وأصبح مصدراً للاختلافات والفبركات والنكت ومازال مستمراً، نسأل الله العافية للجميع، فالحصار يبقى حصارا، وإن اختلفت مصادره وتبعاته وآثاره. حاصرونا فأتى حصار كورونا ليضع سياجه المانع من تواصل الدول مع بعضها. …. ألف يوم ونيف ونحن محاصرون من قبل الدول الجائرة، وأسابيع ونحن محاصرون بوباء الكورونا القادم من الصين، وما نعلم ماهو القادم، جنود مجندة تحل علينا فجأة، لتحرك الضمائر، وتنير العقول، نحو عمارة الأرض واحترام البشرية، ما زالت الحروب قائمة والصراعات مستمرة والبشرية تتلظى بنيران الحروب، وما زلنا لا نستطيع التجرد من مفاهيمنا البالية التي تدفعنا نحو التخلف، القبلية والنعرات الطائفية والمصلحة الفردية تتحكم في أخلاقنا، وتدفعنا للولاء لها دون مصلحة الوطن، وما زال البذخ والإسراف والتباهي تسيطر على سلوكنا، درس لابد من استيعابه ونستوعبه بفكر مستنير وعقل واع، وتحليل دقيق، لابد أن نتعلم تفاصيله بدقة ! لتغيير مفاهيمنا نحو الأفضل ! ونضع حداً لتصرفاتنا وسلوكياتنا كأفراد ودوّل، فهل سنضع نصب أعيينا. وفكرنا العواقب الإلهية والابتلاءات الإلهية، والرحمة الإلهية ! أم سنبقى نصفع أنفسنا ثم نتباكى !. Wamda.qatar.gmail.com