11 سبتمبر 2025

تسجيل

احتفـال ممنـوع لـدواعٍ أمنيــــة !

08 مارس 2020

يوم المرأة العالمي .. إن كنتم تريدون تاريخه بالضبط فلتنظروا لثوان معدودة إلى الروزنامة الموضوعة على مكاتبكم أو المعلقة على الحائط أو إلى أسفل شاشة الكمبيوتر لتتعرفوا رسميا أن الثامن من مارس من كل عام هو اليوم الذي يحتفي فيه العالم بالمرأة بغض النظر عن هويتها وجنسيتها أو حتى عملها وموقعها الإعرابي في هذا العالم المحتفل بها اليوم ! . لذا دعوني اليوم بما أنني من المحتفى بهن اليوم لأتقمص جنسيات عربيات لنساء هن أيضا من المفترض أنهن يشاركن نساء العالم هذا الاحتفال الصوري وأقول : أنا اليوم هي المرأة الفلسطينية صاحبة أقدم قضية في العالم بأسره وأسأل : أين هي حقوقي التي يجب على إثرها أن أحتفل اليوم وأغني وأرقص وأنا الموضوعة في سجن الاحتلال الإسرائيلي أو الراقدة تحت التراب برصاصة غادرة اخترقت ضلوعي واستقرت في الجانب الأيسر من جسدي هناك حيث توقف نبض قلبي للأبد لمجرد أنني مواطنة فلسطينية طالبت بوطني أن يكون حرا وأن يخرج اليهود منه ويتركوا زوجي وأبنائي وأهلي وجيراني وأبناء شعبي ليعيشوا في هذا الوطن الذي هو من حقهم لهم وحدهم ؟! أين هو الاحتفال بكل هذا يا أيها العالم المنافق بحقي؟! وأنا اليوم هي المرأة اليمنية المغلوبة على أمرها التي خُلقت في مجتمع يكون للرجل كلمته الأولى فيه ولي حقوق أقرأ عنها في الكتب والمجلات لكني لا أتمتع فيها بالصورة التي يجب أن أمتلكها لجهل لم أكن أنا السبب فيه لكن هذه طبيعة بلادي القبلية التي لم تستنر بالصورة الكافية إلا من رحم ربي من النساء فيه حتى دخلت الحروب إلى بلادي فزاد الجهل جهلا وأصبح للسلاح لغته التي زادتني ظلما فوق الظلم الذي أعانيه وبات اليمنيون أعداء بعض تفرقهم السلطة ويجمعهم الطمع الذي جعل من الغريب محتلا لأرضي باسم التحرر فإذا أنا في بلادي غريبة أعاني من ظلم القريب وسلطة الغريب فأين موقعي اليوم من احتفالكم الذي لا يبدو أنكم تقصدونني فيه بلا شك ؟! . وأنا الآن وتحديدا في هذه اللحظة فتاة سورية مكسورة الخاطر والجناح لا مكان لي في هذا اليوم لأجلس فيه بقرب من يحتفل بكوني امرأة لها يوم عالمي مميز ! .. فأنا مشردة ومهاجرة ومنبوذة وأرملة ومقتولة وضائعة وجائعة وفقيرة وحزينة وباكية شاكية وهذا قصتي الحزينة والكافية لأكون خارج حسابات هذا اليوم القاسي علي والله ! . وأنا المرأة العراقية التي ولدت على صوت تفجير لحق بالسوق القريب من بيتنا وجاء نفس التفجير لينهي حياتي وحياة أبنائي أيضا في بلد تطوف فيه المذهبية والطائفية لتقتل معنى الوطنية فيه فينتقل الولاء الذي يجب أن يكون فيه للأرض والانتماء لها إلى الحزب والسياسيين ومن عليه أن يفتي في حكم هذه البلاد الذي حول بلاد الرافدين إلى مجرد بلد ( ترانزيت ) لكل من عليه أن يصفي حساباته على أرضها وأنا من بين كل ضحايا العراق لا أجد نفسي من المحتفى بهن في هذا اليوم فالذي بي يكفيني ويزيد ورب الكعبة ! . وأنا الليبية الموجوعة التي عشت دهرا أقاسي فيه جنون من يحكم بلادي ثم جاءت الويلات من بعده أشد جنونا وطمعا بالسلطة وباتت بلادي أرضا لكل متشرد من المتمردين والمنشقين ومرتزقة المال والسلطة وأعيش يوما وأموت في اليوم التالي ليس لأنني لا أستحق الحياة ولكني أقل من أن تطمع الحياة بوجودي فيها ولذا اسمحوا لي لأنسحب من احتفالكم اليوم فأنا لا أضمن تواجدي معكم بالصورة التي تريدونها ! . وأنا اليوم المرأة اللبنانية والتونسية والجزائرية والصومالية والسودانية والمصرية وكلهن على يقين بأن انسحابهن من احتفال اليوم انسحاب مشروع .. فاليوم هو للمرأة التي تستطيع الاحتفال وهذا الاحتفال في دولنا هذه مغلق لدواعي الصيانة والترميم وربما كان لدواع أمنية لا تستدعي الاحتفال ! . [email protected]