11 سبتمبر 2025

تسجيل

«إن لم نقبل بعضنا هلكنا كلنا»

08 فبراير 2024

التنوع هو سنة منطقية من سنن الله سبحانه وتعالى في هذا الكون، ويعتبر في نفس الوقت نعمة من نعم الله علينا، ولا يخلو زمان أو مكان من هذا الأمر، وقد أقره الله سبحانه وتعالى في كتابه: ﴿يا أيها الناسُ إنَّا خلقناكمْ من ذكرٍ وأنثى وجعلناكمْ شعوبًا وقبائلَ لتعارفوا إنَّ أكرمكمْ عِندَ اللهِ أتقاكمْ إنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ﴾. وقد جعل الله تعالى هذا التنوع من أجل صناعة التكامل بين جميع أفراد المجتمع، والتكامل بين الشعوب بعضها وبعض، واستثمار جميع الطاقات والقدرات من أجل بناء المجتمعات، وليس من أجل التناحر والصراعات. وتشتمل هذه المنظومة - أي منظومة التنوع- على: الثقافة، اللغة، والعقيدة، والأخلاق، والمعرفة، والعادات والتقاليد، والعرف، والقانون، والفن... إلخ، وهي أيضًا طريقة مشتركة لمجموعة ما في الوجود البشري في التفكير والشعور والعمل المتواصل مما يشكل وجودها. فالتنوع الثقافي هو تمثيل للهويات التي تميز كل مجتمع بما تحتويه من جماعات بأفكار متعددة، ودورها يكمن في السعي للحفاظ على حماية المجتمع من خطر الاندثار، فكان من أجل ذلك الحفاظ على التعايش السلمي، والتكامل واستثمار الطاقات بينهم، والحفاظ على التنوع البشري. وللعلم أن مفهوم التنوع الثقافي مفهوم عالمي، وليس مقصورًا على دولة بعينها. ونظرًا لأهمية هذا الأمر فقد اتخذت منظمة اليونسكو يوماً من كل عام وهو يوم 21 مايو يومًا عالميًا للتنوع الثقافي من أجلِ الحوار والتنمية، وقد جاء في مطوية الجمعية العمومية لليونسكو: «يأتي سنّ هذا اليوم لتأكيد النسق الكوني للأشياء، أحيانًا متكاملة، وأحيانًا مُتضادة، وكل عُنصر مُيسر لما خُلق له.. ». وهذا التباين الذي حدث داخل الدول يمثل تحديًا كبيرًا لتلك المجتمعات، فالمجتمعات التي تعترف بالتنوع الثقافي هي مجتمعات تكثُر فيها الرؤى والتصورات، ووجهات النظر، ويؤدي ذلك إلى التنمية الاقتصادية، واستقرار المجتمع سياسيًا واقتصاديًا. فالتنوع عنصر قوة، وميزة مهمة للمجتمعات وذلك في حالة استيعاب كافة العناصر الثقافية، والأقليات السكانية، فهو يؤدي إلى تعزيز التفاهم والتسامح وتقدير واحترام الآخر. كما أن التنوع الثقافي داخل المجتمع يؤدي إلى الإبداع، وتنمية روح الابتكار، كما يساهم في التنمية البشرية، وحل المشكلات التي يمر بها المجتمع وذلك من خلال طرح جميع الأفكار والرؤى، مما يساهم في الحد من الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة في كافة مجالات الحياة. وعلى النقيض من ذلك فإذا لم يتم الاعتراف بكل كيان وثقافته داخل المجتمع الواحد فإن ذلك يؤدي إلى تفكك المجتمع وعدم استقراره، وقد يؤدي إلى انغلاق كل ثقافة على نفسها فينتج عن ذلك عدة دول داخل الدولة الواحدة، وقد يحدث صراع عنيف بين الثقافات الأخرى، وذلك يهدد بتقليل الفرص الاقتصادية، وتدمير العلاقات الاجتماعية، وانتشار الفقر والتشرد داخل المجتمع. لذلك يكون من اللزام على المعنيين تعزيز التنوع الثقافي داخل المجتمعات العربية والإسلامية ولابد لكل مؤسسة داخل المجتمع أن تقوم بدورها المنوط بها.