10 سبتمبر 2025

تسجيل

مركز دراسات الخليج أيقونة جامعة قطر

08 فبراير 2022

منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي عندما كنت طالبا في الجامعة في بيروت كنت منشغلا بأهمية «مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية» وكنت من رواد مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت بتشجيع من الأستاذ أحمد الشقيري، رحمه الله، عندما كنت أزوره من وقت لآخر في منزله في كيفون، وكنا نتحدث عن أهمية البحث العلمي مقرونة بأهمية مراكز الدراسات الاستراتيجية وكيف يمكنها توجيه الاهتمام بقضايا الأمة العربية في كل مناحي الحياة وتعين صانع القرار بتنبيهه بالمخاطر المحدقة بهذه الأمة وتضع له تشوفاً مستقبلياً، كيف يمكن مواجهة الاخطار قبل وقوعها وطرائق التصدي لها عند وقوعها. (2) بعد أن انتهيت من الجامعة التحقت بوزارة الخارجية عام 1975 وعملت مع ثلة من خيرة شباب الوزارة في ذلك الزمان في الإدارة السياسية وتأسس قسم للخليج والجزيرة العربية وتعينت في ذلك القسم، وفي 25 يناير 1975 تقدت بخطة للوزارة ما برحت أحتفظ بمسودة تلك الخطة بخط يدي حتى الان لانشاء مركز للبحوث والدراسات السياسية والاقتصادية وتم الترحيب بالفكرة ولكنها لم تر النور. في 16 نوفمبر 1996 تقدمت للجهات المختصة بمشروع تأسيس مركز للدراسات السياسية والاستراتيجية وتم الترحيب بالفكرة وانتدبت الى الخارج للاطلاع على مراكز الدراسات ذات العلاقة لمعرفة أين وصلت ومعرفة نقاط الضعف والقوة عندها وعدت من رحلتي تلك وقدمت المشروع متكاملا وتمت الموافقة وتشكل له مجلس أمناء من علية القوم وتم الاجتماع الأول والثاني لذلك المجلس وانطفى نور ذلك المركز قبل ان يستوي على مدماكه. في عام 1997 أصبحت عضوا في مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية لمدة عشر سنين وهو من مراكز الدراسات العربية المرموقة. (3) استعرضت تلك السيرة الموجزة لأثبت عطشي ورغبتي في أن أرى مراكز الدراسات والبحث العلمي تنتشر في ربوع وطننا العربي وخاصة وطننا الحبيب قطر وهي تزهو بمراكزها البحثية والدراسية الجادة. وفي هذ الاطار تأسس في قطر مركز من أهم مراكز البحوث في الوطن العربي انه «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات» الذي يضم نخبة من خيرة الباحثين في الوطن العربي وقد وقف سمو الأمير الشيخ تميم في معرض الكتاب طويلا أمام جناح المركز يتأمل إصداراته وإنتاجه الفكري. (4) اليوم في قطر أكثر من عشرين مركز بحث ودراسات وتصدرت جامعة قطر هذه المراكز إذ أنشئ منصب نائب لرئيس الجامعة لشؤون البحث العلمي وعين على قمة هيكله التنظيمي شخصية مرموقة ذات اهتمام بالبحث العلمي، واذكر مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية الذي قدم ويقدم إنجازات على مستوى البحث العلمي يشار إليها بالبنان. الا ان «مركز دراسات الخليج» وهو مركز في كلية الاداب والعلوم في الجامعة أعتبره أيقونة جامعة قطر اذ يجمع بين البحث والتدريس يقود هذا المركز ويسهر على إنجاح برامجه وتفوقه شخصية اكتملت فيه الشروط الأساسية لقيادته إذ انه يجيد إلى جانب لغته العربية اللغة الفارسية التي تمكنه من الغوص في عقلية الفكر الفارسي وطرائق تفكيره في شأن الامة العربية عامة والخليج العربي خاصة وكذلك تَمكُنه من اللغة الانجليزية التي هي لغة التدريس في المركز لطلبة الماجستير والدكتوراه. يتقدم للمركز كل عام ما يزيد على 100 طالب وطالبة منهم 48% قطريين يرغبون في الالتحاق ببرنامج المركز للدراسات العليا ولا يقبل من المتقدمين جميعا اكثر من 5% نظرا لشح الموارد المالية الامر الذي يعيق التوسع في تعيين أعضاء هيئة تدريس جدد، وإني اعتبر شروط القبول قاسية مقارنة ببرامج تُقدَّم في كليات أخرى. ان المركز يقدم ثلاثة مساقات تدريسية هي (السياسة والأمن، الاقتصاد والطاقة، الثقافة والمجتمع) الى جانب البحوث والدراسات الجادة في تلك المسارات والتي يقوم بإعدادها أعضاء هيئة التدريس وطلابهم ويتم نشرها في مجلات علمية محكمة، ومن إنجازاته خلال الأعوام الخمسة الماضية نشر اكثر من 90 دراسة علمية حول منطقة الخليج العربي في مجلات عالمية وعربية علمية أكاديمية محكمة، كما انه نشر أكثر من 50 دراسة لباحثين عالميين من خارج المركز ونظم العديد من المؤتمرات والندوات والحوارات حول جائحة كورونا وآثارها على التنمية والتعليم والعلاقات الاجتماعية. (5) توصية الكاتب في هذا الشأن، لما كان هذا المركز البحثي التدريسي الهام له برامج في الدراسات السياسية والأمنية وكذلك الاقتصاد والطاقة فإن الرأي عندي يقتضي دعوة المؤسسات ذات العلاقة بالمسارات انفة الذكر بأن تساعد في تمويل البرامج التي تدخل في اختصاصها لكي يتسنى لادارة المركز استقطاب كوادر لها مساهماتها الأكاديمية والبحثية العالية الى جانب الهيئة الفاعلة الان في المركز. كما أوجه نداء خاصا الى إدارة الجامعة العليا بأن تتبنى خريجي هذا المركز المتفوقين من حملة الدكتوراه ليكونوا أعضاء في هيئة التدريس في الجامعة وخاصة من أبناء المقيمين. والحق أنني أباهي وأفاخر بخريجي طلاب الدكتوراه من هذا المركز وافضلهم على الكثيرين من خريجي الجامعات الأجنبية. آخر القول: علينا جميعا أن نشد من أزر هذا «الإيقونة العلمية» ونعمل على إنجاح مشاريعه وبرامجه العلمية، علما بأنه الوحيد بين جامعات الخليج العربي الذي يقدم هذا النموذج الذي يجمع بين صفوفه الدراسية طلابا عربا وغير عرب. حقا إنه جدير بالاهتمام. [email protected]