17 سبتمبر 2025

تسجيل

عن شراييننا المفتوحة

08 يناير 2020

المواطن أشبه ما يكون في غرفة العمليات شرايينه مفتوحة لكن الجراح مشغول بأمور أخرى ملحة والتزامات خارجية ضخمة، إلى متى يستطيع البقاء حتى تبدأ العملية لإقفال هذه الشرايين النازفة؟ لا أدري وليس هناك مؤشر يدل على أن ذلك قريباً. الشريان المفتوح يعني ما يخرج من دم منه اكثر مما يدخل فيه، يعني نزيفا، وبالتالي حياته يومياً تتعرض لخطر الموت، كيف يمكن إيقاف نزيف المخالفات المرورية شبه اليومي في نظام مروري لا يزال تحت التشييد والبناء؟ كيف يمكن إيقاف نزيف رسوم الخدمات التي تُقر يومياً على أصحاب الدخل المحدود دون سابق إنذار أو تبرير؟ كيف يمكن إيقاف غول الغلاء الذي يلتهم ليس فقط راتب الموظف المتقاعد بل حتى مدخراته؟ كيف يمكن أن يحتفظ المواطن بشرايينه سليمة دون ترفيه وسفر وقيمة تذكرة السفر تحتاج راتب شهور من سنوات كدحه وكده؟ كيف يمكن له أن يعيش بشرايين مفتوحة أمام نسبة من اعلى نسب التلوث في العالم؟ هو مشروع شرايين مفتوحة أيضاً أمام جميع وزارات وهيئات ومؤسسات الخدمة العامة؟. ما أريد أن أقوله هو الكف عن التفكير في أن المواطن شريان مفتوح سواء في طرح الشركات المتعثرة أو الرغبة في الحصول على أموال مباشرة لهدف أو لآخر، وفي نفس الوقت ليس هناك تفكير جدي في استيفائه لحقوقه مثل حقه في علاوة السكن بعد التقاعد، وحقه في الحصول على سعر مناسب على الناقلة الوطنية، أيضاً هناك شريان آخر نازف وهو إمكانية المساهمة مع امتناعها سلباً في تداول قضية ارتفاع تكلفة المعيشة للمواطن أمام جمود إمكانياته أو إخراجه من دائرة الفعل لو أن بعض المسؤولين ارتفعوا الى مستوى وجودهم كذوات فاعلة وليس فقط وجودا لاستخدام الأمر الذي لا يساعد على احتواء هذه الظاهرة بقدر ما هو يبررها ويجعل شرايين المواطن أكثر عرضة للنزيف. والأدهى من هذا كله أنه حينما تستفحل حالة النزيف بالمواطن لا يجد له سريراً لاستطبابه داخلياً إلا بشق الأنفس ولا تأميناً صحياً لعلاجه. هناك شعور بأن شرايين العمال أهم كثيراً من شرايين المواطن، مستشفى خاص ورعاية متفوقة، إنجاز عظيم بلا شك يُسجل لقطر لكن ليس مع نسيان أن المواطن أيضاً كان عاملاً حتى بلغ سن التقاعد أو أُحيل غصباً عنه الى التقاعد، لا أدعو الى فتح شرايين أحد لا العامل ولا المقيم، أدعو فقط إلى الالتفات الى شرايين المواطن المفتوحة، قبل أن يصبح مشروع وفاة ويصبح من الصعب بعد ذلك بقاء الوطن، لا يمكن أن نتذكر الوطن وننسى المواطن ويأتي المستقبل كما نتمنى أو نريد. [email protected]