11 سبتمبر 2025

تسجيل

حاربوا بعيداً عنا !

08 يناير 2020

لا يبدو أن الأمر يتحسن بين إيران والولايات المتحدة بعد إعلان فشل أي وساطة خارجية لتهدئة الوضع المشتعل بينهما منذ أن أقدمت واشنطن في تهور تمثل في شخص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي لم يمتثل لنهج من سبقه إلى البيت الأبيض وقام بإصدار أمر اغتيال أحد قادة الحكومة الإيرانية البارزين قاسم سليماني الذي وصفه ترامب بأنه كان الإرهابي رقم واحد في العالم وتفاخر بتصفيته على أرض العراق الذي كان منذ عام 2003 والذي شهد اجتياح القوات الأمريكية لأرضه مرتعا لكل المغامرات الأمريكية والإيرانية على حد سواء، فطهران لا تزال ترعد وتزبد على قتل قائدها المحبوب وواشنطن ترد بمزيد من العمليات إن تجرأت الأولى على تنفيذ ما تهدد به أو مست شعرة واحدة من رأس أي أمريكي أو اقتربت شبرا واحدا من أي هدف مدني أو عسكري يعلوه علم الولايات المتحدة. وفي رأيي إن إيران ليست بذلك الغباء لتطلق تهديدات في الهواء ولا تنفذ لكنها تمتلك فن الرد المناسب في الوقت المناسب ولا يبدو أنها مستعجلة لإعلانه لا سيما وأنها بالأمس وارت جثماني سليماني والمهندس التراب وبكت وأبكت الملايين من محبيهم الذين زحفوا في شوارع العاصمة طهران وهم يلطمون وينوحون ويرفعون عبارات الاستهجان والدعوة للانتقام لأرواح من قُتلوا في هذه الحادثة لا سيما قاسم سليماني الذي قال وزير خارجية بلاده أنه لم يكن يخفي تحركاته ليباهي ترامب بعدها بمهارة استخباراته الدقيقة التي رصدت تحركات سليماني من سوريا إلى العراق ثم تنفيذ غاراته على موكبه بكافة من فيه حتى الذين هرعوا من سيارات الحراسة مثل الفئران المذعورة لاحقتهم الغارات وفتتت أجسادهم. ولذا لا يبدو لي أن طهران تمتلك الوقت لتستعرض كيف سترد كالوقت الذي يمتلكه ترامب للتغريد على تويتر وتفصح متى وأين وكيف سيكون هذا الرد الذي تعملق في نظر العالم بأسره الذي وصفه بأنه سيكون حربا عالمية ثالثة، فيما لو سعت طهران فعلا للانتقام وهذا ما بدأت ثماره في الواقع بعد أن تأجج برلمان وشعب العراق للمطالبة بانسحاب القوات الأمريكية من أرضه. وكلنا شاهدنا بالأمس النواب العراقيين سنة وشيعة وطوائف أخرى تطالب بحد إصدار قرار حكومي رسمي يلبي مطالب الشعب والمصلحة العامة في ضرورة أن تنهي واشنطن تواجدها على أرض العراق وألا يكون العراق بلدا لتصفية حساباتها ومحل الصراع الإيراني الأمريكي في خطوة استنكرتها واشنطن ولجأ بعدها ترامب لحلبة المصارعة التي يفوز بها دائما وهي منصة تويتر ليرد على المطالبات العراقية بانسحاب قواته من على العراق وإنهاء تواجدها من أرضها بأن العقوبات التي فرضها يوما على إيران وضاعفها مرارا عليها يمكن أن تُفرض أيضا على العراق وأن لا انسحاب من العراق قبل أن تسدد بغداد ما عليها من فاتورة باهظة لتكاليف إنشاء القاعدة الأمريكية المتواجدة هناك وهي فاتورة لا شك أن العراق غير قادر على سدادها لعشر سنوات قادمة وربما أكثر !. هل نحن مقبلون على حرب في منطقة الخليج ؟! قبل أن أجيب على هذا السؤال دعوني أستهجن بسخرية موقف المطبلين و (المهايطين) في بعض الدول الخليجية الذين يرقصون على طبول الحرب وكأن دولهم ستكون بمنأى عن هذه الحرب فيما لو تفجرت في المنطقة أو كأن هذه الحرب (ألعاب نارية) يمكن في أسوأ الأحوال أن تصيب أشخاصا حولها بإصابات طفيفة لا تستدعي سيارات إسعاف أو حتى لصقات جروح طبية !، لا يا تافه أنت وهو !، فأي حرب لا سمح الله ستكون دولنا الخليجية أول المتضررين وربما أول الضحايا لها ومن مارس مهمة (الوشاية) في تأجيج الوضع السياسي بين إيران والولايات المتحدة سيكون أول من سيسقط إن نشبت هذه الحرب التي تطبلون لها وستتقسم دولته وتنهار فادعو الله أن تسير الأمور بمنأى عن خليجنا ووطننا العربي والإسلامي الكبير فنحن قبل أن نكون خليجيين وعربا نحن مسلمون كالجسد الواحد إن تداعى له عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى لا بالقهر والغُمة !. فاصلة أخيرة: اللهم سلّم إسلامنا من كل ما لم يسلم منه المسلمون اليوم !. [email protected]