10 أكتوبر 2025
تسجيلخلال عصر الثورة الصناعية كانت المصانع تنتج بكميات كبيرة، ولكن عامة الناس لم يكونوا يستهلكون بالقدر الكافي، فالملابس تبقى حتى تهترئ، والأحذية تبقى حتى يعجز الإسكافي عن إصلاحها، وهكذا. وكان العمال يعملون بمعدل ٩ ساعات يومياً طوال أيام الأسبوع، ويحصلون على أجر بالكاد يفي باحتياجاتهم. وبسبب كثرة انتقال العمال بين المصانع؛ قام هنري فورد -مؤسس شركة سيارات فورد، وأحد أهم رواد الصناعة في ذلك الوقت- بمضاعفة الأجور وتقليل ساعات العمل ومنح إجازة يومين أسبوعياً، كي يحتفظ بالعمال المدربين، فهو أكثر جدوى من توظيف وتدريب عمال جدد. ومع اضطرار المصانع الأخرى للسير على خطى فورد، ومع زيادة المال في أيدي الناس، وزيادة أوقات فراغهم، بدأ عصر جديد في الاستهلاك. فالناس أصبحت تغير ملابسها لا لأنها اهترأت، بل لأن اللون لم يعد مناسباً لموضة هذا العام. وبعد أن كانت الموضة مقتصرة على الأثرياء والطبقة الأرستقراطية، أصبحت المجتمعات بمختلف طبقاتها تلهث خلف الموضة وكل جديد، والفضل في ذلك يعود لعلماء التسويق الذي نجحوا بإقناع الناس بأن "الرغبة" هي الدافع الرئيسي للشراء، وليست "الحاجة" كما كانت في السابق، فانتشرت الأسواق والمولات التجارية في كل مكان، والمستفيدون الوحيدون هم التجار والشركات الكبرى. ومع تزايد ثراء ونفوذ الشركات، أصبحت تحجّم قوة وتدخل الدولة، وأصبحت الشركات هي من ترسم السياسيات والتوجهات، بينما الحكومة ليس لها وظيفة سوى حماية السوق، وهو ما يعرف بالنيوليبرالية، وأضحت مؤشرات زيادة الاستهلاك دليلا على رخاء الشعوب، بينما هناك أعداد كبيرة من الناس تضطر للاقتراض لتستهلك ما لا تحتاجه، فالشخص العادي الآن يستهلك ضعف ما كان يستهلكه قبل ٥٠ عاماً. من المهم أن تكبح جماح نزعتك الاستهلاكية، وتوازن بين أولوياتك ورغباتك وقدراتك المالية. Twitter: khalid606