10 سبتمبر 2025

تسجيل

أبارتيد السياسة الخليجية !!

08 يناير 2019

الحصار يساهم في بناء أحقاد عنصرية في قلوب الشعوب الخليجية ستكون مدمرة مستقبلاً لسنا جميعاً بتسامح نيلسون مانديلا.. لكننا جميعاً نؤمن برسالة ابن تيمية إلى سجانه علينا تقدير تفاوت المعرفة وتباين المشاعر وواجبنا حماية وعي شعبنا من أجل المستقبل في التاسع والعشرين من شهر مارس عام 2002 قرر سييء الذكر والسيرة الصهيوني أرئيل شارون بناء جدار الفصل العنصري الذي يفصل بين الفلسطينيين وبين الصهاينة المغتصبين للأرض، ومن أجل ذلك قام الصهاينة باجتياح للقرى والمدن الفلسطينية وارتكبت أبشع الجرائم للاستيلاء على الأرض وطرد السكان للبدء في بناء هذا الجدار العنصري المقيت والذي يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالياً بناءه بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك. وفي عام 1994 نجح شعب جنوب إفريقيا في إسقاط نظام الفصل العنصري الذي أقر عام 1948 والذي يعني حفاظ الأقلية الأوروبية في جنوب إفريقيا على الهيمنة الاقتصادية والسياسية، حيث استعبد بقية السكان في طريقة شبيهة بما كان يحدث في مخيمات الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى قضى عليها الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا الذي كان مسجوناً في أمريكا أيضا. ما بين الجدار والقانون نعيش اليوم في الخليج حالة من خلق نظام عنصري جديد سيجعل الحياة في هذه البقعة من الأرض مستحيلة بلا نزاعات مستمرة وحالة تأهب دائمة، فخطاب الكراهية واستثارة النعرات القبلية والتلاعب بالمفاهيم والقواعد الدينية سيجعل الناس في منطقتنا تتعنصر لعناصرها الأقرب ثم الأقرب بشكل يجعلنا نعيش في كانتونات مجتمعية ودول صغيرة داخل دولنا. منذ بدأ حصار قطر والحرب مستمرة على الشعب القطري، حتى لو قال المحاصرون لنا غير ذلك، فقد أدخلوا الرياضة والفن والثقافة وكل مناحي الحياة في العملية السياسية المراهقة التي يمارسونها، بل لم يتوان أحدهم في الزج بالطفل في هذه الأزمة عبر البرامج والمسلسلات ومؤخراً الأغاني. كل ذلك يجعلني أتساءل عن حالة الاحتقان التي يرغب هؤلاء في صنعها في قلوب أطفالنا، وحالة الحقد التي ستكون موجودة في سماء دولنا في المستقبل. ثم أسأل نفسي، بقدر ما نسعى في قطر إلى فصل كل شيء عن ما يحدث سياسياً، فلا اقتصاد ولا رياضة ولا ثقافة تتداخل مع أزمة الحصار باعتبارها جوانب إنسانية يجب ألا تدخل في هذا الجانب، رغم أنهم ادخلوا حتى التعليم والدين، لكننا نأبى بأنفسنا عن ذلك، إلا أن السؤال الذي اسأله لنفسي: هل نحن على صواب ؟ هل يجب أن نبقى بهذا الشكل من التسامح والتعاطي مع ما يحدث ضدنا ؟ الإجابة بالنسبة لي واضحة، نعم، يجب أن نبقى كذلك، لأننا نعاملهم بأخلاقنا لا بأخلاقهم، ولأننا نقدم نموذجاً سياسياً حكيماً لا يدفع بالمجتمع في متاهات السياسة ولا يحمل أفراده مشاعر سوداء بإتجاه محيطه، فهو ينتمي إليه جيوسياسياً وسيبقى كذلك. لكني في الحقيقة أرفض التسامح مع من أساء إلينا في الوقت الحالي، بل ويزيد من جرعة الإساءة فيصبح ملكياً في الإساءة أكثر من الملك، وهنا أركز على الإعلاميين والفنانين وبعض الوجوه المعروفة في مجتمع دول الحصار التي تخصص جل وقتها وجهدها للإساءة إلى أهل قطر وقيادتها، وهنا أيضا لا أجد نفسي أقبل لاحقاً باعتذارهم، ولا أرضى أن أسمع غناءهم أو أن أقرأ رأيهم في أي شيء آخر. للشعوب مشاعر جمعية اتجاه القضايا القومية، وعلينا تقدير اختلاف درجة العلم والمعرفة والوعي بين الناس، وعلينا تقدير السخط ورد الفعل الذي قد يساوي أحياناً مقدار الفعل أو أكثر، مع التنبيه على مرتكبيه ومحاولة كبح جماح أي خطأ قد يصدر من طرفنا حتى لو كان رداً لفعل، لكننا في النهاية بشر، لا يمكن أن نقبل الإساءة من أشخاص كثر كانوا بيننا يوم أمس، واليوم يطعنون كل ما في بلادنا. وهنا يجب أن نعرف أن خصلة التسامح والنسيان غير موجودتين بنفس درجة الكمال عند كل الناس، بل إن قصص التسامح العظمى لم تصل إلينا إلا لأنها كانت استثنائية. فمن مثل نيلسون مانديلا احتفل بالذكرى العشرين لاطلاق سراحه في حفل عشاء دعا له زوجته السابقة ويني وسجانه السابق. أو في قصة أخرى كانت تروى عن مانديلا انه عندما أصبح رئيساً طلب من الحرس أن يأكل في مطعم عادي، فدخل ورأي رجلاً يأكل وحده، فطلب من الحرس دعوته ليأكل معه، وبعد أن فرغ الرجل الذي كان يرتجف سمح له مانديلا بالرحيل، فسأله من معه عن هوية الرجل فقال: هذا كان أحد حراس السجن، لقد مرت بي أيام عصيبة كنت أصرخ طلباً للماء، فكان يأتي ويتبول أمامي، فأردت أن أؤكد له انني سامحته ولن أعاقبه بمثل ما عاقبني. وانني أرى أن فكرة أن هؤلاء مجبورون ومرغمون غير مقبولة عندي، وفكرة فصل الفن عن السياسة التي أؤيدها لا يمكن أن تستقيم عندما يسيء الفنان لبلدي وأهله، فعندها أواصل فصل الفن عن السياسة من ناحيتي، لكني لا أقبل بفن هذا الفنان ولا أساهم في نشره. فهؤلاء هم أعوان الظلمة، وكلما جاء ذكرهم أتذكر قصة ابن تيمية التي تقول إن جلاده أتاه يوماً في سجنه في دمشق وقال له: اغفر لي يا شيخنا فأنا مأمور، فرد عليه ابن تيمية: والله لولاك ما ظلموا. يجب أن نحرص على مستقبل وعي مجتمعنا، ويجب أن نغرس فيه ثقافة الحذر من القريب قبل البعيد، فقد علمتنا التجارب الكثير، وعدم الاستفادة منها خطر كبير. أعود لجدار الفصل العنصري الذي دعمته أمريكا وتحاول بناء شبيه له، ونظام الفصل العنصري الذي كان أشبه بمعسكرات الهنود الحمر في أمريكا، أليس غريباً أن أمريكا موجودة في كل سيرة عنصرية، وفعل عنصري، وأن رئيسها كان داعماً لقادة دول الحصار في بداية هذه الأزمة التي تصنع «فكراً عنصرياً» !!.