18 سبتمبر 2025

تسجيل

استقيموا يرحمكم الله

07 ديسمبر 2020

يأمر الإمام من خلفه بالاستقامة لتتم شروط الصلاة، الاستقامة هي أقصر الطرق للوصول إلى الهدف، والخط المستقيم أقصر الطرق بين أي نقطتين، أهمية الاستقامة كبيرة في أي عمل بل في الدنيا كلها، الاستقامة باعتبارها معياراً لنظام الكون وشرطاً أساسياً لاستمراره وليس فقط لحياة الإنسان. السماء والأرض والجبال والأنهار كلها على قدر من الاستقامة، لا تملك في ذلك شيئا!، وحده الإنسان له الحق في أن يستقيم أو ألا يستقيم، ليس الجميع على مسافة واحدة من الاستقامة أو القدرة على إتيانها، هي أمر كبير برغم بساطتها إلا أنها ثقيلة على النفس البشرية ما لم تتجرد، لم يستقم من يسرق، ولم يستقم من يخدع أو يكذب، لم يستقم من يجعل المنصب أساساً للثراء الشخصي على حساب المجتمع، لم يستقم من يأتي على أرزاق الناس بالحق أو بالباطل، لم يستقم من يصلي حتى يقال عنه مُصلٍ فقط، لم يستقم من يجعل الدين سلماً لهدف دنيوي، لم يستقم من تمكنه قوته من أكل مال اليتيم والمحروم والعاجز، لم يستقم من يأكل أموال الناس بالباطل، لم يستقم من يستبد بأمر المسلمين دون رأيهم ومشورتهم، لم يستقم من لم يحكم بالعدل، لم يستقم من لا يراعي حرمات الله والمسلمين، لم يستقم من لا يرحم الضعيف والمسكين والقريب والرحم، لم يستقم من يمشي على الأرض متجبراً ومختالاً، لم يستقم من يعتقد بأنه فوق البشر بماله أو بنسبه أو جاهه، لم يستقم من لا يراعى حدود الله وحق البشر. حالات عدم الاستقامة كثيرة، وليس الهدف الدعوة إلى دنيا ملائكية فنحن بشر نستقيم ونميل كذلك، ولكن على قدر المسؤولية تتحدد أهمية الاستقامة، فلو استقام البعض لما سرق البعض الآخر، ولو استقام الجزء ما تجرأ الكل على الانحراف، ولو استقام الفرد فينا لأدركت استقامته المجتمع ككل. نحتفظ ببطاقات الائتمان في جيوبنا خوفاً من التأزم وقت الحاجة، والاستقامة في ذاتها بطاقة ائتمان ولكنها مختلفة، لأنك لست أنت من يسددها لاحقاً بل هي مضمونة السداد في يوم لا ينفع فيه سواها، بل إنها ضريبة النجاة على الصراط فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً. هل أدركنا الآن سهولة الاستقامة حينما يطلبها الإمام خلفه وصعوبتها عندما تستفرد بنا الحياة وزينتها إلا من عصم ربي، واعتبر أن الدنيا كلها صلاة. [email protected]