11 سبتمبر 2025

تسجيل

التفاتة إلى قضايا داخلية تهم المجتمع

07 ديسمبر 2018

أشغلتنا الأزمات الخليجية والعربية عن الالتفات إلى قضايا داخلية في مجتمعنا الخليجي عامة والقطري خاصة، وراح كُتَّاب الأعمدة الصحفية يتناولون تلك الأزمات بالشرح والتحليل، واليوم استأذن القارئ وأصحاب القرار أن أتناول مواضيع محلية غاية في الأهمية من الناحية الأمنية والوطنية والإنتاجية. ❶ في هذا العام 2018 أصدرت القيادة السياسية مجموعة من التشريعات الهامة، وأهمها قانون الإقامة الدائمة، وكفالة غير القطريين، والآن تُجرى دراسة تملك غير القطريين للعقار. الملاحظ أن كثيرا من المؤسسات الرسمية والقطاع الخاص تزايدت احتياجاتها إلى العمالة الماهرة؛ وأقصد بذلك من يحمل مؤهلاً جامعياً أو مهنياً وتذهب هذه المؤسسات إلى طلب استقدام تلك العمالة من خارج البلاد علما بتوفرها في داخل الدولة. أضرب مثلا مؤسسة رسمية ذهبت إلى خارج الدولة لاستقدام موظفين في علم الحاسوب، ومؤسسة مصرفية راحت خارج البلاد لاستقدام عمالة في الأعمال المصرفية وقس على ذلك. ولعلم الكاتب فان هذه المهارات متوفرة في داخل البلاد ولم يلتفت لها من أي جهة رسمية أو قطاع خاص. والسؤال الواجب طرحه أمام الجهات المختصة، لماذا لا يكون لدى إدارة العمل والهجرة والجوازات « بنك معلومات » لجميع التخصصات المقيمة في البلاد التي لا تعمل ومن ثم تشغيل تلك القوى عند طلب أي جهة رسمية أو خاصة لاستقدام عمالة من الخارج؟. أعرف عدداً لابأس به من المقيمين العرب مؤهلين في الأعمال المصرفية والحاسوب « نظم المعلومات» والصيدلة ويعيشون في قطر وتلقوا تعليمهم في جميع مراحل التعليم في داخل الدولة وبعضهم يحمل مؤهلات جامعية عالية وبعضهم مولود في قطر ولا يعرف وطنا له غير قطر، لماذا لا يتم دمج هذه الكوادر في المؤسسات القائمة بدلا من الاستقدام من الخارج؟. إن استخدام هذه القوى، أصحاب المؤهلات العلمية، يعود بالنفع على الوطن أذكر بعضا من تلك المنافع: أنه يعرف اللغة العربية وما تيسر له من لغات أخرى ويعرف العادات التقاليد لأهل البلاد ولن يتجاوزها، وهو سيكون حريصا على أمن وسلامة واستقرار البلاد إلى جانب أمور أخرى وهي الاستهلاك؛ المقيم الأجنبي « غير العربي » قليل الاستهلاك بمعنى أن دخله الشهري يحوّل إلى بلاده شهريا ويبقي القليل بالكاد يكفيه أي أن تراكم الدخل بالنسبة له يتم في موطنه وليس في بلادنا وذلك يشكل استنزافا نقديا ومن هنا تقتضي الضرورة الوطنية الالتفات إلى هذه القوى المعطلة من قبل القطاعين الخاص والعام. ➋ يقيم معنا على أرض قطر الطيبة جالية يمنية البعض منهم يحمل الجنسية القطرية والبعض الآخر يرجو الله أن يحصل على الجنسية القطرية أسوة بإخوانه من الجالية اليمنية؛ علما بان لهم في هذه الأرض الطيبة عشرات السنين بل معظمهم مولود في البلاد وكلهم منتجون وتكاد نسبة الجريمة أو مخالفة القوانين واللوائح من أحد منهم تصل إلى الصفر مقارنة بجاليات أخرى، وفي تقدير الكاتب أن هذه الفئة من المقيمين يمكن الاستفادة منهم في الأمن والجيش فهم أكثر وفاء وانتماء لهذا البلد «قبلة كل مضيوم». وأذكّر كل مهتم بالشأن الأمني في هذه البلاد بان من تصدى لجيش شاه إيران عندما غزى جزر الإمارات عام 1971 (طنب الصغرى، وطنب الكبرى، وجزيرة أبو موسى) كانوا مجموعة من المجندين اليمنيين، لقد استبسلوا في الدفاع عن تلك الجزر رغم قلة تسليحهم ولاقوا حتفهم على أيدي جنود شاه إيران، لم يستسلموا ولم يساوموا على نجاتهم، إن طبيعة الرجل اليمني تختلف عن طبائع كثير من المقيمين، ومن هنا أرجو أن يتم الالتفات إلى هذه الجالية العربية الأصيلة أصحاب النخوة والرجولة، وأن تسهل الإجراءات الإدارية والتنظيمية على استقدام عمالة يمنية بكفالة أقاربهم المقيمين في البلاد منذ أكثر من ثلاثين عاما أو أكثر. لقد تكرَّمت القيادة السياسية بمنح الأردن 20 ألف فرصة عمل، وألف فرصة عمل للمقيمين الأردنيين، ومن هنا يتمنى إخواننا اليمنيين أن يتساووا بإخوانهم الأردنيين، فالشعبان الأردني واليمني أكثر إخلاصا ومعرفة بعادات وتقاليد بلادنا الحبيبة وكذلك الأخوة العراقيين. ➌ نشرت الصحافة المحلية بالأمس تقريرا مؤداه أن مجلس الشورى يدرس تملك المقيمين لعقار في الوطن، وأن المجلس مناط به تحديد الأماكن التي يمكن للمقيم امتلاك عقار في ذلك المكان، وهنا استأذن الكل في أن أنبه إلى خطورة هذا الأمر، أي تحديد أماكن لتملك المقيم، إن الهدف من تمكين المقيم من امتلاك عقار له هو تشجيع على الاستثمار وتمكين المقيم من الشعور بأنه أصبح جزءا من هذا المجتمع وبالتالي سيكون حريصا على أمنه واستقراره. إن التفكير في عزل هؤلاء المقيمين في كنتونات خاصة بهم يحرم المجتمع من اندماج هؤلاء في المجتمع، وان ضرر المعازل هذه أكبر من النفع. إن إدماج هؤلاء في المجتمع القطري ضرورة قومية ووطنية وأمنية. إن سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كل لقاءاته يشيد بالمقيمين وما يفعلون ارتفاعا بمكانة الوطن فكيف نحدد لهم أين يقيمون وأين يملكون. قد يفكر البعض في محاولة فرض أماكن لتملك هؤلاء الناس مرتفعة الأثمان كما هو الحال في اللؤلؤة قد يحد من التملك إلا لفئة صغيرة جدا وهؤلاء لا يحتاجون إلى الإقامة الدائمة فبعضهم يحمل أكثر من جنسية عربية وأوروبية أو غير ذلك، لكن المدرس البسيط والطبيب والمهندس في حاجة ماسة لإيجاد موئل يحتمي به ويربي نسله على قيم قطرية عربية أصيلة. وهنا نقول طالما أعطيت الحق للتملك فدعه يختار المكان الذي يتوافق وإمكانياته ومن ثم سرعة اندماجه في الوطن القطري. ◄ أخر القول: نحتاج إلى وعي وطني أمني من أجل اندماج هؤلاء في الوطن ليكونوا أداة قوة له بعيدا عن مشروع المعازل، أو التعجيز للحد من تملكهم.