26 سبتمبر 2025
تسجيلتصادفنا يوميا في حياتنا العادية عشرات الدعايات عن المنتجات والسلع والخدمات الاستهلاكية سواء عبر اللوحات واللافتات المعروضة في الشوارع أو عبر وسائل الاتصال الحديثة أو التلفزيون أو مختلف وسائل الإعلام الأخرى، ويتم تخصيص ميزانيات كبرى من أجل تنفيذ تلك الدعايات، ويكون الهدف من ذلك اقتناء تلك السلعة أو الخدمة أو المنتوج من طرف أكبر فئة ممكنة من المستهلكين. ومعلوم أن الدعاية تتوخى إبراز أفضل صفات ذلك المنتوج والتركيز عليها من أجل التسويق له بطريقة فعالة، وقد تتم المبالغة أحيانا في الإعلان عن تلك الصفات المميزة، ولكن يجب ألا تصل المبالغة إلى حد الكذب وخداع المستهلك، لأن الإعلان الخادع محظور بموجب قانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية. تعرف الدعاية الكاذبة بحسب ما يستفاد من المادة 14 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك بأنها عرض أو بيان أو ادعاء كاذب بشأن السلعة أو الخدمة المراد التسويق لهما على نحو مجانب للحقيقة مما يعطي انطباعا لدى المستهلك معاكسا للحقيقة يكون هو دافعه إلى التعاقد. ففي هذه الحالة يكون المستهلك قد أقدم على إبرام عقد استهلاك تحت تأثير دعاية كاذبة أوهمته بتوافر ذلك المنتوج على خصائص معينة في حين أن ذلك غير صحيح وهو ما استوجب من المشرع أن يكون حريصا على حمايته من مثل هذا النوع من الدعايات، ويقرر عقوبات في حق المزودين الذين يعمدون إلى تقديمها من أجل التسويق لمنتوجاتهم. والدعاية الكاذبة تتخذ العديد من الصور لكنها تجتمع في صفة موحدة، وهي أنها ترد على ميزة جوهرية في المنتوج المراد شراؤه، بمعنى أن جميع الدعايات الخادعة تشترك في كونها تعطي صورة غير حقيقية عن ميزة أساسية تكون هي الدافع إلى إبرام عقد الاستهلاك، مثل الدعاية الكاذبة بشأن عطر مذكور أنه مصنوع من العود والعنبر الأصليين، في حين أن العطر في الحقيقة لا يحتوي إلا على تقليد لهما، أو مثلا في حالة تقديم دعاية كاذبة حول صاحب المنتوج المعروض للبيع، وكان ذلك هو الباعث على الاقتناء، مثل التسويق لمستحضر تجميل أنه من صنع شخص حاصل على شهادات في تخصصات تجميلية، ويكون ذلك غير حقيقي من الناحية الواقعية. ومؤخرا أصبحت الصورة الأكثر شيوعا للدعاية الكاذبة هي ما يقوم به من يظهرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويلقبون أنفسهم بالمؤثرين الاجتماعيين، بحيث يستعرضون سلعا أو خدمات أو غيرها عبر حساباتهم على تلك الوسائل التي يتابعها أعداد كبيرة من الأشخاص، ويدعون أنهم قاموا بتجربتها، وأنها تتصف بمميزات عديدة، ويكون ذلك غير حقيقي بل مجرد إيهام للمستهلك من أجل اقتناء تلك السلعة أو تلك الخدمة. وتفاديا لوقوع المستهلك في مثل هذه الخدع، وبالإضافة للعقوبة الجنائية التي قد يتعرض إليها من يلجأ إلى مثل هذه الدعايات الكاذبة في التسويق التجاري، فقد أوجب المشرع الالتزام بمجموعة من الإجراءات السابقة التي تقي المستهلك من الوقوع ضحية الإعلان الخادع، وإبرام عقد استهلاك نتيجة للتضليل الذي تعرض إليه، مثل إلزام المزود أن يعلن عن الثمن على السلعة أو المنتوج أو الخدمة المعروضة على الجمهور من أجل شرائها، وأن يكون مكتوبا بخط ظاهر بالريال القطري، كما ألزم المؤسسات التي تقدم الخدمات الاستهلاكية مثل المطاعم، المقاهي، المجمعات التجارية والفنادق أن تعلن أسعار خدماتها بشكل بارز واضح. وعموما فقد جاء قانون حماية المستهلك بحزمة من الإجراءات الوقائية التي تحمي المستهلك من التعرض للخداع نتيجة دعاية كاذبة مبالغ فيها، أما في حالة تحقيق الدعاية الكاذبة هدفها، وبعث المستهلك للتعاقد بسببها حينها تقع المسؤولية المدنية والجنائية على الفاعل من أجل جبر الضرر الواقع على ذلك المستهلك، لكن هنالك بعض الدعايات التي لا يمكن اعتبارها تضمنت تضليلا أو تغييرا للحقيقة، مثل الإعلان عن مشروب طاقة على أنه يمنحك القدرة على الطيران، فهذا النوع من الدعايات لا يدخل في خانة الإعلانات الخادعة لأنه يتضمن طريقة تسويقية تحمل طابعا ترفيهيا يغلب عليه المجاز، لأنه من البديهي أن الإنسان بطبعه ليس قادرا على الطيران، وبالتالي لا يتصور أن يتمسك من اقتنى هذا المنتوج أنه تعرض للخداع معتقدا أن المشروب يعطي قدرة على الطيران.